وليد الزامل

التموضع المكاني عند الحوادث المرورية!

السبت - 17 فبراير 2024

Sat - 17 Feb 2024


الحفاظ على انسيابية الحركة المرورية في الطرق أمر غاية الأهمية وخاصة في مدن مزدحمة وتعتمد على السيارة كوسيلة نقل رئيسة.

ولست هنا بصدد الإسهاب في أسباب الازدحام المروري في المدن الكبرى أو التطرق إلى حلول سبق لي تناولتها من عدة أوجه وباتت معروفة؛ ولكن من المهم الإشارة إلى دور الإدارة المرورية والجانب السلوكي في القيادة والذي يتم إغفاله أحيانا في العديد من الدراسات والأبحاث.

يواجه الكثير من قائدي المركبات بشكل يومي إشكالية الاختناقات المرورية على الطرق الرئيسة الناتجة من سلوكيات خاطئة تتمثل في الانتقال المستمر للمركبات من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر أو العكس في محاولة لتخطي الازدحام المروري. هذه المناورة وإن كان يراها البعض عادية إلا أنها تتسبب في مضاعفة الاختناقات المرورية وبشكل تراكمي وتؤدي في نهاية المطاف إلى طول زمن الرحلة وتعطيل انسيابية الحركة المرورية.

وفي المقابل، تتسبب العديد من أعمال الصيانة غير المدروسة أو الاجتهادات المرورية الفردية والتي تتمثل في إغلاق المخارج أو المداخل أو استخدام طرق بديلة في مضاعفة الاختناقات المرورية فمثل هذه التحويلات والحواجز الخرسانية تزيد من الفوضى المرورية وخاصة في أوقات الذروة.

كما أن السماح للمركبات الثقيلة والشاحنات بالمرور في أوقات الذروة دون إدارة زمنية واضحة يفاقم من شدة الاختناقات المرورية.

إن التموضع المكاني الخاطئ للمركبات في الحالات الطارئة واحد من أهم الأسباب التي تفاقم من شدة الاختناقات المرورية؛ بل يمكنها أن تقود إلى خطر الحوادث الجماعية لا سيما في حال عدم استخدام إشارات التنبيه ومثلث الخطر الفسفوري التحذيري. حوادث شنيعة تحدث نتيجة التوقف الفجائي في عرض الطريق أو في مكان غير مناسب، أو الخروج من السيارة أثناء اصطدام بسيط يحدث بين مركبتين ويتسبب في إيقاف حركة المرور كليا في الطريق.

يبقى السؤال الهام في كيفية الحفاظ على مستوى تدفق مروري «مقبول» وخاصة في أوقات ذروة الازدحام؟
لقد بات من الأهمية بمكان تطوير آليات مبتكرة لإدارة الحركة المرورية بما في ذلك الاستفادة من نظام المراقبة والرصد السريع للحوادث المرورية وأماكن الاختناقات على الطرق الرئيسة للتدخل في الحالات الطارئة.

يمكن لنظام الرصد المساعدة في تصوير الحوادث المرورية وتوثيقها بما في ذلك تحريك المركبات إلى مواقع آمنة لفك الاختناق المروري بعيدا عن تعريض قائدي المركبات لخطر الدهس أو تعطيل حركة السير.

أستطيع أن أتفهم أهمية توثيق الحادث المروري وكتابه تقرير عن الحادث للحصول على حق المطالبة التي تكفلها وثيقة التأمين.

ولكني لا أستطيع استيعاب أن يقوم قائد المركبة بتحمل مسؤولية التوثيق ليخرج بنفسه من المركبة في عرض الطريق ويقوم بتصوير الحادث بعدسة الجوال ومن زوايا مختلفة معرضا حياته وحياة الآخرين للخطر المحدق أو يتحمل تبعات الانتظار دون تحريك المركبة قيد أنملة حتى وصول شركة خدمات التأمين معطلا بذلك حركة السير أو أن يختار المضي قدما في طريقه ليضيع حقه في التأمين ويعرض نفسه للمساءلة القانونية.

هل من حق شركات التأمين المطالبة بمشاهد وصور تعرض حياة الآخرين للخطر؟
باختصار، ليس من واجبات قائد المركبة أن يقوم بتوثيق وتصوير وعمل مشاهد سينمائية للحوادث المرورية ومن زوايا مختلفة وفي ذروة الازدحام، فالحادث وقع وعلى الجهة المؤمنة والإدارة المرورية أن تقوم بدورها في توثيق الحادث وتحريك المركبات المتضررة سريعا لمعالجة الاختناقات المرورية وبشكل يكفل حق وسلامة جميع الأطراف.


waleed_zm@