عبدالله السحيمي

على أطراف التأمل

الأربعاء - 14 فبراير 2024

Wed - 14 Feb 2024

كبرنا على الصدمات.. حينما مررنا بالحزن الجماعي الذي فتك بغياب التوقف، وألبسنا سرعة المرور كالعابرين.

عاجزون عن إدارة ذكرياتنا حينما نصاب بفيروسها في لحظة تذكر واستذكار لشريط من الأحداث مر بمرارته!

أوراق تخصه وتخصها.. صور تجمعهما.. ابتسامات وضحكات تحملها المشاهدات.. أرادت أن تستغني عما يذكرها به بعد أن تمزق ما بينهما في لحظة غضب دفعوا نتيجتها.

بكت على مامضى، سقطت دمعة على هدية مضت احتفظت بما كتبه بخط يده؛ (لو كانت حياتي كلها كذبة لكنت فيها أنت الحقيقة)، تمسكت بها بعد أن كان هو الحياة التي أتعبتها.

عشرون عاما مضت.. وكل في طريقه، بعض القرارات المتأخرة تصنع فيك جرحا لا يطيب!

انتهت المودة وغابت الرحمة في موقف حمل السعادة على نعش اسمه؛ النهايات المؤذية لفلتات اللسان» قتلى ومصابين وضحايا.. لا تجعل لسانك متاحا ومباحا لكل شيء!

فاتن ذلك الأنيق الذي يقزم زعلك وغضبك وعتبك وردة فعلك حينما يحتويك ويجعلك معه (لا) عليه!

ذلك الذي أدرك وطبق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إنكم لا تسعون الناس بأموالكم وليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق».

تأتي أحاديثك مليئة بتفاصيل غائبة ونحن نحمل في دواخلنا متفرقات من الأنين والحنين.

ونستمر في التجاوز والتغاضي والتغافل حتى لا نبتعد عن الواقع الذي يلزمنا مسايرته!

كم نحن نخاطب دواخلنا نتحدث مع وحدتنا ونستجلي خيالا نستحضر فيه بعض تلك الوجوه التي غابت ولم تغب أرواحها معنا.

سقطت كل الاحتمالات التي تشفع لك، وأبقيت لك (شرف) الذكريات لك تحفظ أجمل ما نتذكره.

الفقد موجع ومؤلم، والموت حق (لا) اختيار.. والوداع سنة الحياة المتجددة، لكن الأكثر ألما ويبقى في الذاكرة.. حينما تتذكر مشهدا لمن غادر منزله ولم يعد! تلك هي الذاكرة الأقرب والأصعب والأمر.

تجمعك الصدف أحيانا بمشاهد لحظية في احتفال تعبيري يقام لأشخاص قريبين منا وقد تشعل الشموع وترتفع الأصوات وقد تلمح دمعة واندهاشا وذهولا على المحتفى!

تلك لحظات عفوية يصنعها من أتاه حب إضفاء السعادة والفرح للآخرين.

لاشيء يصنع فينا الامتنان سوى المعروف الذي يأتي دون إعداد مسبق، ليحاكي اللحظة والموقف والمشهد.

يغنون على أفراح ودعتهم وكأنهم ينعون واقعا سلب منهم كل شيء!

التغني بالتمني لغة مهاجرة تصنع الانتظار المفقود.

لا تغفل ولا تتغافل عن شخص يطعن ويشكك ويتهم الغير أن يسلم من أن يتذوق مرارة ما سعى إليه ذات يوم! الأيام حبلى بالشواهد والعبر.

لا تكن ذلك الذي يقول ولا يفعل، وكن ذلك الذي يفعل ولا يمنع أن يقول، لا تكن ذلك الذي يعد ولا تكون ممن يتوعد، وكن من الذين يوفون ويكتفون، كن من أولئك الذين حينما يذكرون يشكرون، ولا تكن من الذين يتجنبك الغير ولا يحرصون على حضورك، كن كما تريد أن يكون مقامك عند غيرك ولا تكن مما يقلل مكان غيره مهما كبر أم صغر!

في النداءات أتوقف عند من ينادي أمه أو أباه!

بعض النداءات غادرتنا وبقيت نشتاق لها (لا) كما نسمعها (بل) كما ننطقها.

وتزهر ميادين الامتنان، وتزهو لحظات الاعتراف بمن منح وأعطى وأجزل ووقف من أجل أنه يعطي ويمد دون أن ينتظر المقابل.

أصعب صورة تلك التي تأتيك على شكل لوم واتهام مبطن وأنت تدرك وتعرف وتقر بأن صانعها وحاملها ومقدمها شخص يجيد التلون!

مهما استطعت وضع المساحيق تبقى الحقيقة تسحق وتجرد كل شيء حتى وإن تأخر حضورها.

أحيانا تخاطب إنسانا كأنه أنت وهو بعيد عنك! ذلك هو الأقسى رغم صدقه.

أكاد أجزم أنه.. لا أحد يشبه أحدا! لكن هناك موافقات..«القلب يشم القلب» كما يقول ابن القيم.

لن تسكنك الراحة ولن تصل للاطمئنان وأنت تزاول ما يثير الغير صراحة وتلميحا! ما تقوله قد (لا) تطوله لكنه يطولك.

Alsuhaymi37@