عائشة العتيبي

حس بمن حولك!

الأربعاء - 14 فبراير 2024

Wed - 14 Feb 2024

أخبرني الزمن والمكان بأن أفضل فرصة تأتيك هي التي تأتي دون ميعاد وسابق إنذار، الفرص التي تهطل كثيرا في أحلامك وتسعد بها وتشكل ذلك في طقوس خيالك حتى تصبح طيارا وتارة قبطانا وأخرى مكتشفا فضائيا، ثم في الواقع أنت تعجز عن إيجاد فرصة وظيفية واحدة، وتفتقر إلى تدريب يؤهلك، ومرتبة جيدة تقبل بك، وسنوات خبرة تضعك في منصب مناسب، حتى إن أحلامنا كثيرة ومساحة خيالنا أوسع، في واقع من الصعب أن نجد لو فرصة واحدة، فليس عيبا منا أو ضعفا لكن قلة توفيق وإدراك أن ما يكتب لنا سنجده بعد شهر أو يوم أو ساعة من الزمن.

لذا، لا مانع بأن نحلم ونشعر بأن الواقع يفتقر جمال أحلامنا وكيفية الوصول إلينا، فهذا من باب إيجابي ليس من باب ابتذل وتنمق، فنحن ما زلنا واقفين عند باب واحد لعل أن يفتح لنا حتى لو قرعنا ذلك بالخطأ، ومن الجيد إذا فتح دون أن نقرعه أليس كذلك.

الحرية لا يعبر عنها برأي أو مظهر، بل تحدد في اختيار وإمكانية وتحرير طاقة كبيرة للإنتاج، واستثمار ونشاط يعود بفكرة وصياغة استراتيجية جديدة دون قيود، بل تعبر عن صاحبها بأسر أفكاره وشعوره وقوة إرادته في الواقع، لهذا نصاب بالفشل ثم نسترجع قوانا من جديد، نحسم قرارات ثم نكتشف بأننا لسنا على حق في اتخاذها، لكن الأهم أن لا نبرر لأنفسنا بارتكاب أخطائنا.

بعض القرارات التي نتخذها في حياتنا لسنا مسؤولين عنها بشكل كامل ولا يمكن التحكم فيها، فربما قرار مرتبط بمهنة وربما بشخص آخر مرتبط معنا وربما الأهم من ذلك، فهو قرار مصيري فعله ينفع غيرنا واستبعاده لا يقلقنا بل يشقي أحدا ما.

إن لم نملك حرية تامة لبعض قراراتنا فكيف نحكم على الحياة بمن فيها من بشر وميول ورغبات واحتياجات وأولويات ومهام، والأهم كيف نعبر عن الحرية بأنها تخصنا وحدنا ولا نستطيع فرضها على من حولنا كما يدعي البعض بذلك، ويصدق بأن الحرية إلزامية ويتحتم فرضها والعمل بها دون حياء وبلا اعتدال.

هذا هو الخطأ في فهم البعض للحرية.

الكتب تحدد مستوى فكر المؤلف، لكن لا تجعلك تفهم ما الذي يقصده من التأليف وما فكرته.

فقد نصل لما يهدف إليه عند القراءة وقد نلوم ما ألفه، انتفاضة قلمك ونيران شعورك لا يطفئها سطر كتبته ولا حرف اختصرته بكلمة.

فهناك صفحات بيضاء لكن تعبر عن الدفء والأمل لرفقاء وجدوا بأن الكتابة عبء كبير عليهم، واقتصروا بالنظر إليها بلا وعي، فهموا أن الكتابة مجرد أداة واجب، العمل بها مرهق وعبء، واكتفوا بالنظر فقط، إلا أن البعض يرى الكتابة جزءا كبيرا من حياته، وحبا آخر قد يخبئه بين صفحاته.

أخبركم ـ وبكل صدق ـ أن الكتابة تركها صعب والأصعب هو العيش معها دون شعور وفكر واستشعار لأهميتها، ربما أحبط عندما لا أجد حرفا أكتبه، وقد أرهق عندما لا أستطيع التعبير عن شعور واحد بكلمتين، وقد أجهل هوية القلم عندما لا أستطيع أن اكتب سطرا واحدا فقط.

لذا، غالبا هي تحاكيني بيني وبين نفسي لكن أحيانا أشعر وأن الكتابة حب من طرف واحد.

إلا بعد ما رأيتها تحتضني عندما كنت أتألم بصمت فهمت ذلك حين اقتربت مني، لم أخشَ عندها أنها لا تحبني لأني اكتشفت فيما بعد أنه عندما أفشل اتجه إليها وعندما أحبط أجدد حبري بأحد عناوينها، وعندما أقلق وأحزن أتمسك بآخر حرف كتبته، فهي في الحقيقة تشعر بمن يحبها ويبحر بها دون حواجز وقيود، فلسنا بحاجة إلى التكلف والفهم لنعبّر عن أنفسنا ومن حولنا داخل ورقة صغيرة تستطيع أن تحتضنّا أكثر من بشر لا يستطيعون الإمساك بأيدينا والاحتفاظ بنا، وفهم شعورنا وتقديرنا وتعلم اكتسابنا.

3ny_dh@