عبدالله العولقي

حول نفوذ تطبيقات التواصل الاجتماعي

الثلاثاء - 13 فبراير 2024

Tue - 13 Feb 2024

قبل أيام، أجرى المذيع الأمريكي الشهير تاكر كارلسون حوارا مثيرا للجدل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر حسابه الشخصي في منصة (X)، وخلال 24 ساعة من إجراء هذه المقابلة كان عدد المشاهدات قد تجاوز 150 مليون مشاهدة!!

وبغض النظر عن المحتوى والأهداف وما وراء هذه الحلقة من الأسباب، فالحديث هنا يتعلق بالمتغيرات الثقافية والاجتماعية التي أحدثتها تطبيقات التواصل الاجتماعي ومدى نفوذها الثقافي والإعلامي في عالم اليوم، فقبل إجراء هذه الحلقة كان تاكر كارلسون قد غادر قناة فوكس نيوز الإعلامية، إحدى أهم القنوات الأمريكية ليؤكد أن هناك منصات إعلامية أخرى قد تتيح للإعلامي من وجهة نظره أن يمارس مهنته وشغفه بكل حرية، ويعني بالطبع تطبيقات التواصل مثل يوتيوب وإكس وفيس بوك وغيرها.

لم يكن تاكر كارلسون وحده من أقدم على هذه الخطوة الجريئة، فقبله كان الإعلامي البريطاني الشهير بيرس مورغان قد غادر قناة CNN ليفتتح برنامجه الإعلامي الجديد عبر حسابه الخاص في منصة يوتيوب، وهنا يأتي السؤال الأهم: هل يقدم إعلاميون آخرون على هذه الخطوة الجريئة والتي قد تمثل انقلابا – إن صح التعبير - في مفهوم البرامج الحوارية!!

تشكل سلطة ونفوذ تطبيقات التواصل الاجتماعي مصدر قلق لدى الدول الكبرى، ففي الصين لا توجد تطبيقات السوشيال ميديا الأمريكية كالواتس أب مثلا، هناك تطبيقات محلية مماثلة والتي تعتبرها واشنطن انتهاكا صارخا لحقوق الملكية الفكرية، أما الولايات المتحدة فلم تستطع إدارات البيت الأبيض المتعاقبة حظر برنامج التيك توك بسبب النظام التقني الذي يسمح للتطبيقات الأجنبية بالاستثمار داخل الفضاء الأمريكي رغم كل مخاوف التجسس وقضايا الأمن القومي، ولمعرفة حجم التأثير الثقافي والاجتماعي فعلينا أن ندرك أن هذا التطبيق الصيني يستحوذ على حوالي 2.5% من قيمة الإعلانات الرقمية حول العالم، كما تبلغ قيمة أعماله داخل الولايات المتحدة وحدها حوالي 50 مليار دولار!!

التحذيرات الرسمية في الأوساط الأمريكية لم تجد آذانا صاغية لها أمام قوة ونفوذ التطبيق الصيني الشهير، ولذا تؤكد بعض الدراسات البحثية المنشورة حول مجال الإعلام الجديد أن ثمة صراعا ثقافيا يدور بين الفكر السياسي الأمريكي الذي يرى خطورة الهيمنة الثقافية الصينية على المجتمع الأمريكي وبين المزاج الشعبي العام الذي يعشق محتوى مقاطع التيك توك القصيرة، فنصف الشعب الأمريكي تقريبا يستعمل التطبيق الصيني بشكل يومي، فلا تزال خوارزمياته الذكية تتفوق على نظيراتها الأمريكية في القدرة على جذب المشاهدين لمتابعته وسرقة ساعات يومه بكل سهولة واقتدار.

خاتمة القول.. هناك دول بدأت تنتبه لمخاطر الهيمنة الثقافية الأجنبية التي تمنحها سلطة ونفوذ تطبيقات التواصل كالهند مثلا، والتي شرعت بالفعل في إيجاد البدائل التقنية المحلية.. فهل حان الوقت لإيجاد منصات تواصل عربية تتلاءم مع طبيعة ثقافتنا الإسلامية والعربية؟!!

albakry1814@