عبدالله قاسم العنزي

المصطلح القانوني

الاحد - 11 فبراير 2024

Sun - 11 Feb 2024

إن المصطلح القانوني وضبطه من أهم المهارات التي يجب على رجل القانون ابتداء إتقانها، سواء كان قاضيا أو محاميا أو عضو نيابة عامة، حيث إن المصطلح العلمي بصورة عامة له دور كبير في بناء العلوم والمعارف؛ فلا يمكن تصور قيام علم دونها بل إنه يمكن قياس درجة نضج علم من العلوم بمدى قدرته على بناء أنساق اصطلاحية تكون متعلقة مع أنساقه المفهومية.

لذا نؤكد على أهمية استيعاب وفهم دلالات المصطلحات القانونية وفهم سياق النصوص التي يندرج ضمنها المصطلح داخل النص القانوني باعتباره الأداة الواصفة لقصد معين تغياه المنظم أو السلطة التشريعية واضعة النص.

إن علم القانون يستحيل فصل المصطلحات عنه ذلك أن علم القانون يرتكز على ثلاث ركائز: الفكرة، والكلمة التي تعتبر وتدل عن الفكرة، والواقع الذي تنقله الكلمة (المصطلح) إلى حيز التصرف القانوني والمؤاخذ عليه، فالقانون عبارة عن سلسلة من الوقائع والسلوكيات العامة تضبطها مصطلحات توضح دلالاتها ومآلات تلك التصرفات.

فالقانون لا يفرض ذاته ولا يحيز السلوك في تعريف معين إلا حين يوجد سلوك دل على ذلك الوصف والتعريف، فهنا يأتي دور القانون ليضع المصطلح مناسب الدلالة بقصد تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمع لاعتبار أن المصطلح القانوني مصطلح موضوعي لا يعبر عن أغراض شخصية لواضعه أو أهواء أو انفعالات بل الدور الوحيد تحديد الغاية من المصطلح ودلالات مفهومة.

إن المصطلح القانوني له دور كبير في تحديد سمات لغة القانون، مع أن المصطلحات وحدها لا تشكل لغة ولكن تحمل السياق بمصطلحاته إلى لغة التخصص من اللغة الأم العامة إلى لغة أدق رمزية في خصائصها عامة مجردة؛ فلولا المصطلحات القانونية لما استطعنا الوقوف للوصف الصحيح لبعض الوقائع والسلوكيات البشرية.

إن معرفة وإتقان دلالات المصطلحات القانونية وفهمها فهما عميقا وتوظيفها في سياق خطاب قانوني سواء حكما قضائيا أو مذكرة قانونية يمنع من الوقوع في إشكالات كثيرة ومنها عدم تنزيل المصطلح تنزيلا صحيحا في سياق سلسلة من الوقائع التي يحدد المصطلح وجهة نظر القانون تجاه هذه الوقائع.

وأكثر ما تقع المصطلحات في عسر الفهم في القانون الجنائي الذي تتعدد مصطلحاته التي تأتي واصفة لوقائع يبين المنظم أو السلطة المشرعة وجهة الحظر أو الإباحة، وعسر ذلك الفهم أرجعه للمناهج التعليمية في الجامعات، حيث إنها لم تصل في مناهجها الجمع بين المصطلح القانوني والواقع!

ومن المؤسف أن الذين يقبلون في التخصصات القانونية من الطلبة الذين لا يحملون معدلا مميز في الثانوية، غير أن المناهج التعليمية القانونية لا تزال في مرحلة الهشاشة، وما يستدل به على ذلك أن مخرجات الجامعات لا يستطيع الطالب أن يتكئ عليها وحدها في مهاراته ما لم يلتحق في دورات قضائية وقانونية أو الالتحاق بالمعهد العدلي التابع لوزارة العدل أو التدريب في مكاتب المحامين الممارسين، وما ندعو له الطلبة والطالبات أن تخصص القانون من التخصصات النوعية والمطلوبة في الحياة المعاصرة، فلا دولة دون قانون ولا إدارة دون قانون ولا مجتمع منضبط بسلوك حضاري دون قانون، فالانخراط في الدورات التدريبية والالتحاق في مكاتب المحامين أو المعهد العدلي ليس للحصول على الوظيفة فقط بل لديمومة وبناء مهنة القضاء والمحاماة في نمو وازدهار لأنها مرتبطة بقيم عليا ومنها تحقيق العدالة بالمجتمع.

expert_55@