محمد علي الحسيني

مكة تحتضن النجف (تعاون وتنسيق)

السبت - 10 فبراير 2024

Sat - 10 Feb 2024

تقوم رابطة العالم الإسلامي بدور بارز ومهم في مد الجسور بين المذاهب الإسلامية وفتح الحوار مع الآخر ضمن المنهج الإسلامي المنفتح مع العالم؛ وذلك مصداقا لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى}.

وفي هذا الإطار استقبل معالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي ورئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد عبدالكريم العيسى في المكتب الرئيس لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة وفدا من النجف ممثلا دار العلم للإمام الخوئي وأكاديمية البلاغي، وهي زيارة تاريخة لها دلالاتها العميقة، يؤكد فيها معالي الدكتور العيسى على أن رابطة العالم الإسلامي تمثل كل المذاهب الإسلامية ولا إقصاء لأي منها، وأنها رابطة المسلمين جميعا دون تمييز أو تفريق، والمسلمون أولى ببعضهم البعض.

وهي زيارة تعكس حرص الرابطة على تفعيل مخرجات وثيقة مكة المكرمة التي تركز على أهمية اللقاء الإسلامي الإسلامي بما يخدم قضايا أمتنا التي تواجه الكثير من التحديات.

رابطة العالم الإسلامي ترسخ مفاهيم التعايش بين المذاهب الإسلامية
لا شك أن رابطة العالم الإسلامي ترحب من خلال زيارة الوفد العراقي بالتعاون مع جميع المذاهب الإسلامية، وهي تنطلق في أفعالها وأقوالها وتوجهاتها ومؤتمراتها وما صدر عنها بحضور علماء الأمة الإسلامية ومفتييها في مؤتمر (الوحدة الإسلامية وخطورة التصنيف والإقصاء) الذي دعا إلى ضرورة تفعيل قيم التسامح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جهة، ومن جهة أخرى معالجة الأفكار المتطرفة والمنغلقة من خلال الالتزام بالمشتركات الإسلامية الواحدة بين كل المذاهب الإسلامية لتعزيز صورة الإسلام المشرقة لدى أبناء هذه الأمة من جهة، ولإظهار صورة الإسلام الحقيقية للعالم في ظل تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا وتداعياتها الخطيرة على الإسلام والمسلمين من جهة أخرى.

إن التعايش الإيجابي بين مختلف الطوائف والمذاهب لا بد أن يقوم على الاعتراف المتبادل بينها بوجود اختلافات، لذا ينبغي احترام حرية المعتقد الديني وممارسته وفقا لقوانين الدول وتشريعاتها بما يحفظ حقوقها وأمنها.

إن زيارة وفد النجف إلى عاصمة الإسلام وقبلة المسلمين مكة المكرمة في هذه الأيام المباركة من شهر رجب له نفحات إيمانية تعمق أواصر الأخوة، وتدعم مخرجات وثيقة مكة المكرمة المباركة الداعية إلى نشر قيم العدل والسلم والعيش المشترك بين أتباع الأديان، وتعزيز التنوع الديني والثقافي في المجتمعات الإنسانية من خلال إقامة شراكة حضارية إيجابية قوامها الحوار والتفاهم والتعاون والعدل والاحترام المتبادل لخدمة الإنسان، وضرورة احترام المواطنة الشاملة، والولاء الصادق للوطن، والمحافظة على الأمن، والسلم الاجتماعي، ورعاية حمى المحرمات والمقدسات.

مساعي رابطة العالم الإسلامي في تحقيق التقارب الإسلامي
تسعى رابطة العالم الإسلامي من خلال التواصل المباشر مع المذاهب الإسلامية المختلفة لتحقيق الوحدة الإسلامية، من خلال الاعتقاد الراسخ بأن المسلمين أمة واحدة يجمعهم الإيمان برب واحد ونبي واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة، شعارهم قوله تعالى: {إن هذه أمّتكم أمة واحدة} [الأنبياء: 92]، ويدينون جميعا لله بدين وشريعة تجمع ولا تفرق، تقرب ولا تبعد، وهم شركاء في صناعة الحضارة الإسلامية، ومواجهة التحديات الراهنة. فالمشتركات الجامعة بينهم تسمو بقوتها وصدق العمل بها على أسباب الفرقة والتناحر.

رابطة العالم الإسلامي تؤكد من خلال لقائها بممثلي المذاهب وعلى رأسهم وفد النجف على أن المسلمين في بلدانهم متساوون في الحقوق والواجبات، وهم جسد واحد، بهم تتحقق الوحدة الإسلامية لتوحيد الجهود في مواجهة موجات الشر، وفي طليعتها أفكار التشدد والتطرف والإرهاب.

وفي المقابل، ينبغي التأكيد على أن التنوع المذهبي والثقافي في المجتمعات الإسلامية لا يعارض مفاهيم الوحدة، إنما يقتضي الأمر إقامة شراكة عادلة ضمن عقد اجتماعي يتوافق عليه الجميع، يرفض الإقصاء المذهبي والثقافي، ويستثمر تعدد الرؤى وتباين النظر في إثراء الحياة المدنية وتحقيق الفسيفساء الحضارية، وحفظ مقدرات الأمة، وتحقيق تنمية وطنية شاملة تحقق الريادة للجميع.

sayidelhusseini@