عبدالله السحيمي

ذاكرة فتاة

الخميس - 08 فبراير 2024

Thu - 08 Feb 2024

كان أعظم ما قاله لي: إنه يوصيني على نفسي!
أخافني تأمله، وشدة قبضة يده على يدي، تأملت وتألمت من حشرجة صوته المبحوح، قرأت في عينيه كل أمنياته المسكونة لي.. كنت أميرة في حضوره وغيابه، كنت الصح الذي يراه، كنت الشخص الوحيد الذي يتم التجاوز عن أخطائه.
يرتفع صوته من أجلي وينزعج من أجلي، كنت أرى اسمي مختلفا مميزا له نكهة خاصة حينما ينطقه ويردده، كانت لي حصة شهرية من راتبه.
كان مقعدي ومكان مطمعي بجواره يضع يده على ظهري تارة ويدفع خصلات شعري عن وجهي، كنت أجده صباحا وعند عودتي من المدرسة أجده وهو يسألني للاطمئنان.. حتى ذات صباح فقدته وحين عودتي ما وجدته، شعرت بملاطفتي في الحديث، واستشعرت بالخوف من غيابه.
كانت أمي تواسيني لأني لا أقوى الصبر بدونه.. آه لو يعود، أريد أن أخبره.. أريد أن أشكو انكساري وتعبي وألمي، أريد أن أقول له: أنت جنتي، سألتقيك وأنت مع الأبرار الخالدين، واطمئن يا أبي يتيتم الصغار وأنا لا أراك إلا وقد يتمتني بكرامة نبلك وفيض حنانك وصلابة تربيتك التي أخرجتني لأقول أنا ابنة ذلك الرجل الذي عاش نبيلا ومات فقيدة على الجميع.
فقدتك جسدا وبقيت روحك الآمنة استحضر فيها كل شيء جميل، تأكد يا أبي أنني لم يمر يوم إلا وأنا أناديك واعتزل لكي أغسل تربتك الطاهرة بدعوات مستمرة.