نبيل عبدالحفيظ الحكمي

بناء «عملاق الأدوية التريليوني» السعودي

الأربعاء - 07 فبراير 2024

Wed - 07 Feb 2024

عزيزي القارئ، هل نستطيع في المملكة العربية السعودية بناء وامتلاك أكبر شركة أدوية في العالم؟

وهل القطاع الخاص في المملكة جاهز للمشاركة في تحقيق هذا الهدف العملاق؟ الإجابة هي بلا شك نعم وذلك لوجود قيادة ورؤية عظيمة لوطن عظيم.

نعم يستطيع القطاع الخاص أن يشارك في بناء أكبر شركة أدوية في العالم، ولما لا ولدينا «استراتيجية للتقنية الحيوية» متميزة برؤية عالمية أطلقها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله.

بناء «عملاق أدوية تريليوني» سعودي من وجهة نظري كمتخصص في هذا المجال هدف يمكن الوصول له.

إذا نظرنا إلى جميع مشاريع المملكة خلال الفترة الماضية سنجدها نوعية وغير مسبوقة ومنها على سبيل المثال مدينة «ذا لاين» و «تروجينا» ,«القدية» و«مدينة الملك سلمان للطاقة» وغيرها من المشاريع العملاقة.

واسترشادا بما قاله سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله «لا يوجد مستحيل في قاموس السعودي» و«طموحنا عنان السماء»، كسعوديين، طموحنا كبير جدا ولا يوجد ما لا نقدر على تحقيقه وذلك لامتلاكنا الإرادة والعزيمة والخطط الاستراتيجية الواضحة للتنفيذ المستلهمة من قيادتنا الرشيدة.

بناء شركة أدوية عملاقة في المملكة بقيمة «تريليون دولار أمريكي» مهمة ضخمة جدا وتعد الأولى من نوعها على المستوى العالم، ولكن ليست مستحيلة، حيث لا توجد أي شركة دوائية أو طبية وصلت إلى قيمة سوقية تتجاوز التريليون دولار أمريكي على مستوى العالم.

إلى وقت كتابة هذه المقالة في مطلع عام 2024 تعتبر شركة الأدوية الأمريكية «إيلي ليلي وشركاءه»

(Eli Lilly And Co) الأكبر على مستوى العالم بقيمة سوقية تقارب 600 مليار دولا أمريكي.
كي تحقق المملكة هذا الهدف الطموح لابد من التخطيط والعمل الجاد على استراتيجيات حاسمة وطموحة مبنية على «الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية» ومنها على سبيل المثال أن يتم الحصول على دعم حكومي مميز واستثمارات ضخمة في مجال التمويل والحوافز الضريبية والدعم التنظيمي، وغيرها من الأمور المالية، الأمر الذي يعد ضروريا لخلق نظام بيئي ملائم لنمو كبير في مجال الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية المبتكرة.

الاستثمار الكثيف في البحث والتطوير (R&D) أمر ضروري ولا مفر منه.

هذا يتطلب إنشاء مرافق بحثية متقدمة وتوظيف أفضل الكفاءات والتركيز على تطوير أدوية مبتكرة نوعية.

بالإضافة إلى تشكيل شراكات استراتيجية حقيقية في مجال تطوير الأدوية ونقل التقنية من خلال التعاون مع شركات الأدوية سواء الناشئة أو المتوسطة أو العملاقة عالميا، والمراكز البحثية المتطورة، والجامعات المرموقة في هذا المجال، وغيرها من القطاعات ذات الصلة، حيث تعد خطوة هامة جدا للوصول إلى الخبرة والتقنية النوعية.

يشمل ذلك الجهود المشتركة في تطوير الأدوية، التجارب السريرية وغيرها، وألا يقتصر هذا فقط على «التصنيع»، ولكن وهو الأهم في هذه المرحلة على «الصناعة» بشكل عام ومن أهم الأولويات «نقل تقنية» وهو المفتاح السحري لتطوير المنتجات الدوائية المبتكرة.

أيضا، من أهم الاستراتيجيات لبناء «عملاق الأدوية التريليوني» السعودي هو «الاستثمار الجريء» في أفضل الفرص العالمية في مجال الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية بغرض امتلاك ونقل التقنية العميقة المبتكرة.

وأيضا عمليات الدمج والاستحواذ (M&A) لأفضل الشركات الناشئة والمتوسطة الحجم في مجال الصناعات الدوائية والتقنية الحيوية العالمية. وأيضا استراتيجية التحالفات مع أفضل شركات الأدوية العالمية في مجال «الابتكار الدوائي» ضرورة ومهمة جدا على أن يكون هنالك تناغم وتكامل واضح في جميع هذه العمليات.

عزيزي القارئ، في حين أن التركيز على السوق الوطني مهمة استراتيجية، فإن القيمة الحقيقية تكمن في الوصول إلى الأسواق العالمية حيث يتضمن ذلك الالتزام بالمعايير الدولية والحصول على الموافقات اللازمة مثل موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكي (FDA)، السوق الدوائي الأمريكي يعتبر «المفتاح الذهبي» للوصول لمعظم الأسواق العالمية، حيث يقارب حجم السوق الدوائي الأمريكي إلى 40% من حجم السوق الدوائي العالمي و 60% من حجم سوق التقنية الحيوية العالمي.

أيضا من النقاط الهامة، بناء شبكات توزيع عالمية قوية واستغلال الموقع الاستراتيجي للسعودية وموقعها الاقتصادي لإنشاء مراكز مبتكرة لتصنيع الأدوية أمر مفيد أيضا كمرحلة متقدمة.

بناء علامة دوائية تجارية سعودية عالمية قوية أمر أساسي لنا جميعا كسعوديين، ومعالجة التحديات الصحية العالمية، مثل المشاركة في مكافحة الأوبئة أو التصدي للأمراض الواسعة الانتشار، سوف تصبح المملكة قائدة للابتكار في مجال الرعاية الصحية بشكل عام ومثال يحتذى به عالميا.

ختاما، كما بدأنا بمقولة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله سوف ننهي مقالة اليوم بمقولة سموه «نحاول ألا نعمل إلا مع الحالمين الذين يريدون خلق شيء جديد في هذا العالم».

nabilalhakamy@