ياسر عمر سندي

فلسفة اللطف

الأربعاء - 07 فبراير 2024

Wed - 07 Feb 2024

اللطيف من أسماء الله الحسنى الدالة على صفة العناية الفائقة والإحاطة الكبرى من رب العباد، التي تليق به جل وعلا بأسلوب استباقي خفي بالعباد، لمتابعة مجريات أحداثهم وأمورهم وتحويلها لصالحهم، حتى تتناسب معهم رحمة بهم.

واللطف صفة مؤثرة يكتسبها الإنسان من صفاته عزّ وجل، مثل: الكريم، الرحيم، الخبير، الصبور.
أن تكون لطيفا يعني أن تحسن التصرف لتصل إلى الهدف، وهنا يكمن سر الذكاء المشاعري، لأن التعامل الدنيوي والتواصل البشري يستلزم مهارة الوزن والاتزان بفهم الذات والآخرين.

فلسفة اللطف أرى أنها الطريقة الإجرائية المثلى ببذل سماحة النفس وصفاء القلب ونقاء المشاعر، بتقديم المساعدة قولا وعملا بفهم مسبق، لسد حاجة الآخر بما يفوق توقعاته وتحقيق رضاه بما يتجاوز تصوراته، ليترك المؤثر على المتأثر أثرا إيجابيا بأسلوب أنيق وسلوك رشيق وحب عميق.

اسم اللطيف ورد في القرآن الكريم في سبع آيات، وفي الثامنة جاء بصيغة «وليتلطف» (الآية 19) سورة الكهف، أي في الأسلوب والطريقة الحوارية، وإمعان النظر مع التدبر ظاهريا وجوهريا في اسم اللطيف الذي يرادفه ثلاثة أسماء في مواضع مختلفة، وهي: العليم، وفي آية الخبير، وأخرى القوي العزيز، يعين على فهم المدلول السابق والإدراك اللاحق بتعزيز الوعي الإنساني لاكتساب ثلاث مهارات، هي: العلم والخبرة والقوة والعزة، التي تساعد الفرد على أن يكون ناضجا ومحترفا لمعنى فلسفة اللطف وإدارته خلال الآتي:

- اللطف مع وجود العلم، يدعم سماحة النفس وصفاء القلب ونقاء المشاعر، برفع معدل الدراية والقدرة بكيفية إيجاد اللباقة للكلمات بالتحدث وطرح الأسلوب، وانتقاء الأشخاص واختيار المواقف والأحداث.

- اللطف مع وجود الخبرة، يعني أن أداء فلسفة اللطف يجب أن نستحضر معها التجارب السابقة بفهم الآخرين خلال أنماطهم ونفسياتهم وعاداتهم، وعدم الإخفاق ببذل اللين الأعمى والعشوائي دون وجود المعيار الضابط في التعامل، وإلا سيفسد المعنى للطف الحقيقي المسبب في أذى الغير، لأن بعض الشخصيات تحب التعامل مع الإنسان اللطيف دون تجاوزه لحدودهم الخاصة ودائرتهم المغلقة، وذلك يحتاج من الإنسان اللطيف التعامل بالخبرة باستقراء الشخصيات والسمات.

- اللطف مع وجود القوة والعزة، يعني ذلك التعامل بفلسفة اللطف آنفة الذكر باستشعار الثقة بالله أولا، ثم الثقة باستحضار عزة النفس وقوة التعامل بالتواضع الأخلاقي والإنساني مع الآخرين باحترامهم وتقديرهم في القول والعمل، مع البعد عن التعامل بالخنوع أو الانكسار المؤديان لفقد شخصية المتلطف، لأن هنالك فرقا بين قوة التواضع والتفريط في الكرامة.

هنالك مواقف مختلفة، إذا استرجعناها بذاكرتنا ندرك أن اللطف كان سببا في انقاذنا بعناية اللطيف سبحانه وتعالى أولا، ثم بدعم من شخص لطيف كان بجانبنا، أو أسلوبنا اللطيف مع الآخرين من حولنا.

فلسفة اللطف تتأرجح برونقها الذكي في التعامل المشاعري، بين العلم والخبرة والقوة والعزة، لتستمر الحياة باللطف والستر.

Yos123Omar@