عبدالمعين عيد الأغا

عوامل مؤثرة في البلوغ

الثلاثاء - 06 فبراير 2024

Tue - 06 Feb 2024

سعدت جدا الجمعة الماضية بالتقاء صفوة من الأطباء والطبيبات في أبها البهية التي قدمت فيها محاضرة علمية عن البلوغ المبكر لدى الأطفال وطرق التشخيص والعلاج، وذلك في الملتقى العلمي الصحي.

وعلى الرغم من أن محاضرتي العلمية كانت للأطباء والطبيبات المتخصصين إلا أن للموضوع جوانب اجتماعية مهمة تتعلق بصحة الأطفال ومرتبطة بحياتهم، ولابد لأولياء الأمور معرفتها حتى يتم التدخل المبكر للحالات التي تشكو من المشكلة.

فبشكل مبسط فإن حالات البلوغ المبكر تستوجب البحث لمعرفة المسببات والتدخل العلاجي حتى ينمو الطفل بالشكل الصحيح، إذ إن البلوغ هو عملية يتغير فيها شكل الجسم وتحدث بعض التغيرات الهرمونية لجسم الفتاة والذكر، ومنها زيادة هرمون التستوستيرون عند الذكر وهرمون الإستروجين عند الأنثى، ويسمى هذا بالنمو الجنسي، أما في حالة زيادة الكتلة العضلية والتغيرات في الأوتار الصوتية، مثل خشونة صوت الذكر يسمى بالنمو الجسدي، وتحدث فترة البلوغ من 8 سنوات حتى 12 عاما، وتبدأ عند الذكر من سن 9 إلى سن 14 عاما، وتكون له مراحل.

هناك عدة عوامل مؤثرة في البلوغ منها الوراثة التي لها دور في تحديد عمر البلوغ لدى الجنسين، إلى جانب العِرق، حيث نجد أن بعض الشعوب تتأخر في البلوغ مثل اليابان أو الصين، وفي البعض الآخر يحدث البلوغ مبكرا مثل شعوب المناطق الحارة، وأيضا سوء البدانة التي تلعب دورا رئيسا في البلوغ المبكر، وخصوصا لدى الإناث، حيث إن الخلايا الدهنية تفرز ببتيد الليبتين الذي من شأنه تحفيز محور منطقة ما تحت المهاد -الغدة النخامية- الغدد التناسلية، بجانب العوامل البيئية التي تلعب دورا مهما في موعد بدء البلوغ لدى الإناث، مثل وجود هرمون الإستروجين النباتي في المحاصيل الزراعية، ومنتجات اللحوم الحيوانية، وكذلك الإستروجين الصناعي في المنتجات البتروكيميائية مثل: البلاستيك، والنايلون، وجميعها أدت إلى تغيير مواعيد البلوغ لدى الإناث بشكل ملحوظ، وأسهمت في حدوثه مبكرا، مما أصبح يشكل إزعاجا لكثير من العائلات، إلى جانب زيادة استعمال الكريمات أو المراهم المحتوية على الإستروجين أو التستوستيرون أو غيرهما من المستحضرات المحتوية على هذه الهرمونات (مثل الأدوية أو المكملات الغذائية التي يستعملها البالغون)، فهي تزيد من خطر إصابة الطفل بالبلوغ المبكر.

يعتمد العلاج على معرفة سبب الحدوث، فالهدف الرئيس من العلاج هو تمكين الطفل من النمو الصحيح، فأهم الأضرار السلبية للبلوغ المبكر هي قصر القامة المستقبلي، حيث إنه خلال فترة البلوغ المبكر تكون القامة طويلة، والإغلاق السريع لفجوات العظم يمكن أن يؤدي إلى توقف النمو في وقت مبكر، وبالتالي قصر القامة لاحقا، بجانب الضغوط النفسية والاجتماعية والسلوكية بسبب التغيرات الجسدية والهرمونية الناتجة عن البلوغ المبكر والتي لا خبرة للأطفال بها، إذ قد يتعرض الأطفال للاستهزاء من قبل أقرانهم بسببها، أيضا صعوبة تكيف الإناث اللواتي يصلن إلى الحيض قبل عمر 9 سنوات، مع ارتداء الفوط الصحية وتغييرها.

يكون علاج تأخير البلوغ عند الأطفال لحالات البلوغ في السن المبكرة بالإبر العلاجية وهي آمنة ولا تسبب أي مضاعفات مستقبلية على حدوث الحمل أو العقم، أو حدوث اضطرابات في الدورة الشهرية، إذ إن آثارها ليست مثيرة للقلق وتتضمن الألم الموضعي في العضلة، حساسية ناتجة عن الدواء، قلة كثافة المعادن في العظام، وهنا من المهم الحفاظ على تناول فيتامين (د) وشرب الحليب أو منتجاته خلال فترة العلاج.

أهم أهداف علاج هذه الحالات يتمثل في تقليل تطور علامات البلوغ، تقليل نضج العظام، زيادة الطول النهائي المتوقع للبالغين، العلاج النفسي والاجتماعي والسلوكي، مع التنويه إلى أنه قد يكون علاج استخدام إبر تأخير البلوغ بمفرده أو مع هرمون النمو سويا اعتمادا على حساب الطول المستقبلي المتوقع عند إقفال فجوة النمو وكيفية تقدم عمر العظام.

أخيرا.. يجب عدم تجاهل حالات الأطفال التي تظهر عليها بوادر وعلامات البلوغ المبكر، لبحث المسببات والتدخل المبكر، بجانب كيفية الوقاية من حدوث البلوغ المبكر عند الأطفال بسبب العوامل الخارجية، لتمكين الأطفال من النمو الصحيح، حتى تصبح أطوال قامتهم مماثلة لطول القامة عند البالغين الطبيعية.