عبدالله سعود العريفي

مزارع تصدر الموت

الثلاثاء - 06 فبراير 2024

Tue - 06 Feb 2024

كان يجوب سوقا قد اشتهر ببيع المبيدات بأنواعها المختلفة وأشكالها المتعددة، وينتقل من محل إلى آخر، متفحصا أنواعها ومطيلا النظر في أشكالها، مع مماحكة مع البائعين وبراعة في المساومة على ثمن تلك المبيدات، مستشيرا أحد الواقفين بجواره وقد اشترى أنواعا متعددة وأشكالا مختلفة من تلك المبيدات عن أكثر أنواعها تأثيرا على الحشرات وأشد أشكالها مفعولا على الآفات وأعظم أصنافها فتكا بالكائنات، مبينا بأنه كلما أباد نوعا ظهر له نوع آخر لم يكن موجودا من قبل وبعضها يختفي لفترة وجيزة ومدة محددة ثم يعود أكثر من ذي قبل؛ فأشار إليه بأن يخلط من كل نوع جزءا حتى تمتزج تماما ليضمن فعالية أكثر وتأثيرا أفضل وزعم بأن تلك الطريقة مجربة ولها قدرة كبيرة على إبادة كافة الآفات المتنوعة وإزالة جميع أنواع الحشرات المختلفة فوق الأرض وتحت الأرض وفي الماء وحتى في الهواء.

تبادر إلى ذهن أحد المتواجدين بجوارهم تساؤل عن الوسيلة الأفضل والطريقة الأنسب لضبط التمور الملوثة بالمبيدات قبل وصولها إلى المستهلك حتى لا تتحول تلك المزارع إلى مزارع تصدر الموت؛ فبادر متسوق آخر في مكان قصي بالإجابة بأن الحل الوحيد لهذه الإشكالية التي تحتاج – في الحقيقة – إلى معالجة سريعة هو حث المزارعين وتشجيعهم على تسريع تطبيق أنسب الممارسات وأفضل الإجراءات لزيادة جودة التمور وإصلاح نوعيتها مع الرقابة الصارمة وبناء خطة استراتيجية واضحة وتكون مصحوبة بعقوبات زاجرة ومقترنة بجزاءات رادعة والتحذير البين والتنبيه الظاهر لأصحاب المزارع وأن تكون هناك جهة تمنح شهادات صحية تؤكد أمان وسلامة أي منتج من منتجات التمور عند بيعه في محلات التمور أو في الأسواق ولا يقبل بأي حال من الأحوال عرض أي منتج للبيع إلا بشهادة الخلو من المبيدات، وأن تكون هناك جولات رقابية للتأكد من وجود تلك الشهادات مع أخذ عينات عشوائية من التمور المعروضة للبيع لفحصها والتأكد من خلوها من المبيدات.

فالبعض من أصحاب المزارع لا يهمهم إلا الربح ولا يعنيهم إلا الحصول عليه وليس لديهم أي اعتبار لسلامة المستهلك ولا تقدير عندهم للجوانب الصحية؛ فيقومون باستعمال المبيدات بل خلط عدد منها ومن ثم رشها وهم لا يعلمون أو غير مبالين بما تسببه من أخطار كبيرة ولا يدركون ما تؤدي إليه من تأثيرات سيئة مما يؤدي في النهاية إلى الإضرار بصحة المستهلك؛ فالإصابة بالتسمم ودخول أي مادة ضارة أو ملوثة إلى جسم الإنسان وإحداثها أضرارا له ليس بالضرورة أن يكون تسمما مباشرا أو ظاهرا بل إنه يشمل التسمم البطيء وحدوث الأمراض المفاجئة بعد حين من الزمن.

لا شك أن المبيدات الحشرية تتسبب في إحداث تغييرات سلبية في البيئة الطبيعية، حيث إنها تعتبر غير مألوفة للبيئة ودخيلة عليها بجميع مكوناتها مما يتسبب في اختلال التوازن البيئي الطبيعي نتيجة تدخل الإنسان في البيئة وإحداثه تغييرات في عناصرها مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في أعداد الحشرات مختلفة الأنواع والتي تكون مؤذية وتسبب للإنسان وللبيئة أضرارا وإزعاجا ومن الصعب مقاومتها، وظهور أنواع جديدة منها لم يكن أي أحد من قبل يعرف بأنها تؤدي إلى إحداث أضرار بالمحاصيل الزراعية التي ينتفع منها في تغذية الإنسان أو الحيوان أو في مختلف الصناعات.