بسمة السيوفي

تغير نحو الأفضل

الثلاثاء - 06 فبراير 2024

Tue - 06 Feb 2024

إن سألتك اليوم: هل أنت كما أنت منذ ثلاث سنوات؟ قد تخبرني بأنه لم يتغير شيء.. تحمل ثقوبك تحت النجوم.. تهدر العمر الذي توهب.. وتضيع الغاية التي خلقت من أجلها.. وتفوت الفرص التي قد تلوح خجلا هنا وهناك. هل أنت ممن يركز على الواقع البائس رغم مرور السنين؟.

ذاك الضئيل الذي تراكم.. وذاك الخراب الذي تتناساه.. ما يبقيك صنما في محلك.. تتلاطم بين أمواج الحياة وما يخبئه لك المستقبل.. دون محاولات تستبد بالتخاذل الذي يصيبك.. لمجرد أنك لا تراهن على التغيير، ولا تنوي أصلا أن تستثمر في نفسك.

حتى تتغير لا بد من توجيه عدسة مكبرة نحو المهارات الشخصية والمهنية التي اكتسبتها في الحياة. فكيف تحدد المهارات التي يفترض أن تطورها خاصة في مجال العمل؟

يتطلب الأمر أن تبدأ بالتقييم الذاتي للمهارات الحالية، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير، بعدها التوجه للزملاء والمرؤوسين للحصول على آراء موضوعية حول نقاط الضعف والقوة، ثم طلب الاستشارة المهنية ممن يحيط بك لتقييم الاحتياجات الفعلية، ووضع خطة عمل مناسبة.

يمكنك التطور عبر 3 استراتيجيات أساسية، هي: التعلم الذاتي باستخدام الموارد المتاحة مثل: الكتب والدورات الالكترونية، ثم العمل الجماعي وهو أن تقبل بأي فرصة سانحة للمشاركة في مجموعات العمل، حيث ستتاح لك إمكانية تبادل الخبرات وتعلم المهارات الجديدة. كما يجب أن تفتح الأبواب للمساهمة في الأنشطة التطوعية لتنمية ذاتك وتوسيع الخبرات، وهو ما يسمى بالمشاركة المجتمعية.

أفضل وسيلة هي عبر التدريب والتعلم المستمر، والاستفادة من الدورات التدريبية المتخصصة في تطوير المهارات، وأن تشارك في ورش العمل والندوات لمتابعة أحدث الاتجاهات والتقنيات في المجال الذي تحبه، تأتي بعدها مرحلة الاستفادة من الخبرات والفرص العملية التي تدق بابك، لتطبق المفاهيم في بيئة العمل الحقيقية، مع التعلم من الأخطاء والنظر إلى الفشل على أنه فرصة للتعلم وتحسين الأداء في المستقبل.

ولا يمنع ذلك من مواصلة التعليم الأكاديمي والتحصيل الدراسي المتقدم لتطوير المعرفة والمهارات.

المقصد أن تتوقف وتأخذ أنفاسا أعمق. بعدها حدد الأهداف التطويرية مكتوبة، ضع أهدافا ذكية محددة وقابلة للقياس، ثم ضع خطة لتطوير المهارات عبر إجراء تقييم دوري للإنجازات والتقدم الذي تحرزه بانتظام، حتى تضمن استمرارية التطور، جدد في خطة التطوير وفقا للتقييمات والتغيرات في أهدافك.

قد يساعدك استخدام التقييمات المهنية المتخصصة المتوفرة في الساحة، مثل تقييم 360 لقياس الأداء، من خلال آراء الزملاء والمرؤوسين من حولك. لا بد أيضا أن تثق بمشاعر عدم الرضا عن وضعك الشخصي والمهني الحالي حتى يشتعل بداخلك الحماس لتحسين الأداء وتطوير القدرات.

إحدى الطرق لكسر الإحباط هو ألا تظل عالقا في المكان نفسه، وتشعر ألا شيء يتغير، ألا ترضى أن تكون ضعيفا، دون أن تتقدم نحو أهدافك، عندها يصبح اتخاذ قرار تحسين نفسك هو القرار الواعي نحو التمكين، هو استعداد لتجربة الانزعاج، إذ لا يمكن أن تشعر بالرضا وتظل «محلك سر» دون أن تتحرك للأمام.

هي رحلة طويلة لاستكشاف اهتماماتك الحالية، وتطوير اهتمامات جديدة. رحلة يحفها الامتنان لما لديك حتى تتجنب الشعور بالمرارة تجاه ما لا تملك. أن تلاحظ الأشياء الصغيرة التي تجعلك سعيدا وتشعرك بالحمد.. قد يتطلب الأمر تعلم لغة جديدة حتى تفكر بشكل مختلف، وترى الأشياء في ضوء جديد، فأصحاب العمل يبحثون عن المواهب ثنائية اللغة، وتظهر الدراسات الاستقصائية أن 56% من أصحاب العمل يحتاجون إلى قوى عاملة تلبي هذا الاحتياج.. لغات تشمل الصينية والإسبانية والفرنسية.

رحلة التغيير تتطلب أيضا كتابة يوميات أو مذكرات شخصية، لتصبح أكثر وعيا بأفكارك الخاصة. التدوين اليومي يقلل من الاضطرابات ويزيد من المرونة الشخصية. اكتب ما يخطر ببالك ولا تخش خسارة الوقت.

أيضا تحرك، مارس رياضة معينة، يمكنك البدء بالمشي يوميا حتى لا تشعر بالملل، فقد أظهرت دراسة حديثة أن المشي لـ15 دقيقة يقلل من الحالة المزاجية السلبية مثل القلق والتعب والغضب والاكتئاب. وفي الدراسة، كان المشي في الحدائق أكثر فعالية من المشي في طرقات المدينة.

اخرج من رتابة «رتم» الحياة عبر ممارسة اللطف الواعي تجاه الآخرين، اجعل هدفك هو القيام بعمل طيب عشوائي كل يوم، سيؤثر ذلك في إحساسك بنفسك.

وأخيرا، ضع قائمة بالأهداف إذا كنت تريد تحسين نفسك، لأن ذلك سيمكنك من تتبع التقدم الذي تحرزه مع مرور الوقت. لا تخش الفشل لأن ذلك قد يمنعك من اتخاذ خطوات للأمام. كما عليك أن تخفف من الأنشطة التي تستنزفك، مثل قضاء كثير من الوقت في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، أو قضاء الوقت مع الأشخاص السلبيين، وتدرب على قول «لا» عندما لا تشعر بالارتياح، فتطوير المهارات الشخصية والمهنية، يؤثر بشكل إيجابي على رفاهيتك وعلاقاتك مع العائلة والأصدقاء والزملاء.

فكرة تحسين الذات هو نمو، والنمو إيجابي وليس دائما خطا مستقيما، هو رحلة شخصية بمعنى الكلمة، ويمكن أن تتغير التفاصيل من شخص لآخر، لكن النمو بالتأكيد هو جزء من عملية «أن تصبح أفضل نسخة من نفسك».

رحلة التغير للأفضل تعتمد على ما سيدخل رأسك من معارف، وما تتعلمه من مهارات، ومن تختار ليكون حولك من أشخاص. هي قرارات وأنت وما تختار.

smileofswords@