عبدالحليم البراك

مكاتب دعم لغير المؤهلين للتقنية!

الاثنين - 05 فبراير 2024

Mon - 05 Feb 2024

لا شك أن القفزة التقنية التي تعيشها المملكة العربية السعودية مذهلة للغاية، والتسارع في التحول الرقمي والتقني هو الآخر مذهل، صار العالم كله على جهازك المحمول، ويمكنك أن تنجز أعمالك من نقرة واحدة، وارتفع مستوى المملكة في التحول الرقمي إلى مراتب عالمية تضاهي الدول المتقدمة، بل حصلنا على ترتيب متقدم أيضا، وهذا المستوى ليس بغريب في ظل الدعم الحكومي غير المحدود لهذا القطاع، بل والمراجعات المستمرة لهذه الأعمال هي الأخرى مستمرة بشكل كبير خاصة في الأمن السيبراني المتعلقة فيها، وصل الأمر – ولله الحمد – أن بعض القطاعات بدأت بإغلاق فروعها كافة مكتفية بالخدمات الالكترونية والمقر الرئيسي لها في مدينة واحدة بالمملكة.

لكن ثمة احتياج تأصيل مهمة مرتبطة بهذا التطور، أقول تأصيلها حتى يتم سن قوانينها الخاصة بها والخاصة بالعاملين فيها، وعمل تنظيم خاص للاستحقاق فيها، وهي «خدمة مباشرة لغير المؤهلين للتقنية» وهم الأشخاص غير القادرين على استخدام التقنية لعدة أسباب، وتقديم الخدمة البديلة لهم وفق تنظيمات وقوانين خاصة، ويشمل هذا التنظيم جميع القطاعات الخدمية في الدولة والقطاع الخاص، والقطاع الخاص مثل البنوك والاتصالات والتأمين، ويشمل التنظيم تحديد المسافة التي تلزم القطاعات بتغطيتها بشريا لغير القادرين تقنيا.

تشمل عدم القدرة لكبار السن وتشمل كذلك الإشكاليات الذهنية لدى بعض الأشخاص التي لا تمكنهم هذه الإصابة من استخدام التقنية، وكذلك الجهل التام غير القابل للتعلم، وكذلك الإقامة في أماكن غير مغطاة بالاتصالات التقنية (وهذه قد تحدث؛ رغم أنه حسب علمي، بأن أي موقع في المملكة مخصص للإقامة الدائمة مغطى بالشبكة بغض النظر عن مقدم الخدمة المشترك معه المستفيد) وكذلك حالات خاصة تطرأ عليها مثل الإصابات الجسدية التي يستحيل معها التعامل مع التقنية مع عدم وجود أي مساعد، وغيرها من الأسباب.

يتضمن هذا التشريع أماكن الخدمة التي تقدم هذه الخدمات مع اشتراطاتها وضماناتها والسبل القانونية والتقنية لحماية الموظف مقدم الخدمة وحماية صاحب الخدمة والمعينات على ذلك، بما في ذلك الترجمة والتواصل واللغات إن تعثرت عملية التواصل.

تقدم البنوك جميع خدماتها تقريبا الكترونيا دون الحاجة لزيارة الفرع، ولكن تقوم البنوك بخدمات شخصية بهدف التأكد من وجود الشخص الفعلي أو من خلال تقديم بعض الخدمات التي تقدم في حال تعثر التقنية أو تلك الخدمات التي يرغب صاحبها أداءها لعدم وجود معين له في العمل مع وجود الوثائق اللازمة والأجهزة التي تدعم سلامة الإجراء مثل الكاميرات والميكروفونات والوثائق وغيرها التي توثق العمليات البنكية، ونأمل من جميع الخدمات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص وجود مكاتب لخدمة غير المؤهلين لاستخدام التقنية بعد التأكد بعدم قدرتهم على ذلك.

هل تبدو هذه الفئة صغيرة؟ نعم، وهذا شيء مبشر، ولكن مهما صغرت فئات المجتمع يجب أن لا نضعهم عرضة للاستغلال أو الإهمال أو التقاعس، وأتوقع أن بعض الجهات تقدم هذه الخدمات لكن ثمة من يفتخر بإغلاق فروعه كافة ويكتفي في الإدارة الرئيسة ليشير إلى أتمتة هذه الأعمال، ويحق لنا أن نتساءل عن بعض الفئات كيف سيتم خدمتها، ولا يغرك صوتها المبحوح الذي لا يسمعه أحد، فهذا جزء من تعثرها الذي يجب أن ينال عنايتنا كما هو حال أصحاب الاحتياجات الخاصة، فنحن لا ننتظر أصواتهم ليشتكوا إلينا حاجاتهم بل نحن من ننصت لحاجتهم قبل أن تصدر أصواتهم إلينا مطالبة بحقوقهم، كما أن ثمة أناسا ليس لهم أحد يخدمهم لسبب أو لآخر هم وحيدون!

أخيرا، إن روح المبادرة بالعناية بأي فئة خاصة تحتاجنا هو هدف سام لأي مسؤول عن أي دائرة حكومية أو قطاع خاص، وأتمنى بالفعل أن يكون هذا هدفا محل تقدير لديهم، وأن ينتدبوا من يقومون بتسديد هذه النقطة لخدمة فئة هامة في المجتمع، هم الذين لم يقدر لهم أن يكون لهم صوت فنكون نحن أصواتهم، فضرورة وجود مكتب صغير لخدمة غير المؤهلين للتقنية، أراه ضرورة!

Halemalbaarrak@