وجدان مقبول المسعودي

كاريزما القادة.. هل هي نعمة أم نقمة؟

الاثنين - 05 فبراير 2024

Mon - 05 Feb 2024

الكاريزما هي طريقة تواصل وتأثير نمتلكها، وهي تجسد الشخصية الأصيلة ذات التفاؤل والشغف والتواضع والقدرة على الاستماع وفهم الآخرين.

لذا تبرز صفة الكاريزما بشكل خاص من بين صفات القادة المؤثرين والناجحين، فالقادة ذو الكاريزما لديهم قدرة على جذب وإلهام الآخرين وترك تأثير إيجابي عليهم، ومع ذلك قد نجد أنفسنا أمام قطبين متنافرين نحاول أن نفهم من خلالهما هل حقا القادة ذو الكاريزما يحققون النجاحات ويقفزون إلى الإنجازات بتميز ملحوظ أم أن الكاريزما تؤثر عليهم بالسلب وتكون نقمة عليهم وعلى المجتمع الذي يديرونه، ويثار التساؤل هنا هل الكاريزما نعمة حقيقية أم مجرد نقمة؟

يقول توم بيترز «الكاريزما هي قدرة القائد على إشعال شرارة في قلوب الآخرين وإلهامهم بالتحرك نحو الرؤية المشتركة». إن القادة الذين يتمتعون بالكاريزما هم مصدر إلهام لفرقهم ومجتمعاتهم، وقدرتهم على جذب الآخرين وإثارة الشغف والتفاني فيهم، فعندما يكون القائد كاريزماتيا، يصبح قادرا على تحفيز الفريق وتعزيز الروح المعنوية وتحقيق الأهداف المشتركة، وبفضل هذه القدرة يمكن للقادة الكاريزميين أن يحققوا تغييرا إيجابيا ويؤثروا في الآخرين ويشجعوهم على تحقيق أعلى إمكانياتهم.

علاوة على ذلك يتمتع القادة الكاريزميون بقدرة فريدة على بناء علاقات قوية وثقة مع الآخرين مما يعكس لديهم الرغبة في متابعتهم والعمل معهم بجدية، ويؤدي هذا إلى تعزيز التعاون والعمل الجماعي وتحقيق النجاح المشترك.

وأرى أنه بفضل هذه الثقة يمكن للقادة الكاريزميين تحقيق التغييرات الكبيرة والمستدامة في المنظمات والمجتمعات.

وعلى الرغم من الجوانب الإيجابية العديدة للكاريزما، إلا أنها يمكن أن تكون نقمة في بعض الحالات، فقد يؤدي الاعتماد المفرط على الكاريزما إلى تفريط في القدرات الفردية والمهارات القيادية الأخرى، أو قد يعتمد القادة الكاريزميون على جاذبيتهم الشخصية الظاهرة بدلا من القدرات والمؤهلات الفعلية، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى صعوبة في تحقيق النتائج المطلوبة.

علاوة على ذلك يمكن أن تؤدي الكاريزما الزائدة إلى تشجيع الثقة المفرطة من القادة في أنفسهم وارتفاع «الإيجو» لديهم، مما يؤدي إلى سلوكيات غير سليمة مثل الغرور والتغاضي عن آراء الآخرين.

فقد يجد القادة الكاريزميون صعوبة في قبول الانتقادات والاستماع إلى وجهات نظر الآخرين، مما يؤثر على صنع القرار ليكون بمفهوم ضيق ومن منظور فردي مما يقلل من الشفافية والمشاركة، وهذا يتناقض مع الدور القيادي في جعل الآخرين يشعرون بأن لهم وجودا وأن لهم دورا مهما في تحقيق الأهداف.

كذلك من الممكن أن تؤثر الكاريزما بشكل سلبي عندما يتم استخدامها بطرق غير أخلاقية أو لأغراض ذات مصلحة ذاتية، كأن تستخدم في السيطرة على الآخرين واستغلال قدراتهم القيادية لتحقيق أهداف غير أخلاقية أو غير مشروعة.

وأخيرا، يجب على القادة المتمتعين بالكاريزما أن يكونوا مسؤولين في استخدام قوتهم الشخصية لتحقيق النجاح وتطوير المجتمعات والمنظمات، ويجب أن يتمتعوا بالتوازن بين الكاريزما والقدرات الفعلية والأخلاق، وأن يكونوا قادرين على الاستماع والتعاون مع الآخرين لتحقيق النجاح الشامل والمستدام.

يمكننا القول عزيزي القائد بيدك الاختيار أنت من تجعلها نعمة مستدامة أو نقمة مستدامة.

wjdanalmasoudi@