عبدالله قاسم العنزي

التحكيم في عقود الاحتراف الرياضية

الاحد - 04 فبراير 2024

Sun - 04 Feb 2024

يعد الاحتراف الرياضي من أهم المجالات التي تنامى الاهتمام به في الآونة الأخيرة في القطاع الرياضي السعودي مما استدعى تنظيمه إداريا وقانونيا في جميع نواحي القطاع من أندية، وسن النظم واللوائح، والحوكمة؛ لضبط حركة إيقاع القطاع الرياضي بما يتناسب مع توجه المملكة في رؤيتها 2030.

إن الرياضة والمصالح التجارية متلازمان، والاحتراف جزء أساسي من أجزاء الرياضة الحديثة ويعتبر مصدرا من مصادر المتاجرة في الرياضة وتتمثل في استثمار اللاعبين ماليا وتسويقيا وإعلاميا دعائيا كالإعلانات وغيرها، والعائد الذي يدره الاحتراف من دخل الإعلانات والبث التلفزيوني وتسويق المباريات يدر ربحا ماديا له انعكاس على اقتصاد البلد.

ومع ما ذكرنا ومن يستقرئ عقود الاحتراف الرياضية يجدها مثارا للجدل والنزاعات؛ لأنها غالبا ما ترتبط بعقود الاحتراف وبحقوق مالية ضخمة ويترتب عليها خلافات ومطالبات بالتعويض وغيرها من المطالبات التي لها طبيعة خاصة ومسار خاص في الفصل في هذه النزاعات يخرج عن المسار المألوف في التقاضي في المحاكم القضائية إلى مسار التحكيم الذي ينساب مع طبيعة هذه الخلافات ويتفهم وقائع تلك العقود بأنواعها في القطاع الرياضي.

إن التحكيم الرياضي من أهم المجالات، وقد نشأ الاهتمام بالتحكيم الرياضي كجهة قضائية للفصل في النزاعات الرياضية لعقود الاحتراف منذ مطلع الثمانينيات في القرن الماضي، وفي سنة 2002م تم تأسيس أول غرفة تحكيمية خاصة ببطولة أوروبا لكرة القدم التي تم إجراؤها سنة 2002 وقد اعترف الاتحاد الدولي للفيفا باختصاص محكمة التحكيم الرياضية، من هنا اعتبرت محكمة التحكيم الرياضية الدولية أعلى هيئة قضائية رياضية مستقلة يتم اللجوء إليها كما نصت عليه المادة 62 من النظام الأساسي للاتحاد الدولي لكرة القدم سنة 2009م، حيث يعترف الفيفا بمحكمة التحكيم الرياضية على أنها محكمة مستقلة ومقرها لوزان لحل كل النزاعات بين الفيفا والأعضاء المستقلة وبين النوادي واللاعبين ووسطاء اللاعبين.

ومن المهم في سياق حديثنا عن التحكيم في عقود الاحتراف الرياضي أن نوضح ماهية الاحتراف الرياضي الذي هو محل العقد بين اللاعب وبين النادي الرياضي.

ويعرف فقه الاحتراف الرياضي على أنه مهنة يباشرها الشخص الرياضي بصفة منتظمة ومستمرة من خلال ممارسة نشاط رياضي معين بهدف تحقيق عائد مادي يعتمد عليه كوسيلة للعيش من خلال عقد متفق عليه ومحدد المدة، ويكون ذلك الاحتراف المصدر الرئيس لدخل اللاعب، ولذلك الاحتراف الرياضي غير مسار النشاط الرياضي من هواية إلى مهنة، وترتب على ذلك ضرورة صياغة بنود تؤطر هذه المهنة وتحدد الالتزامات بين اللاعب المحترف وبين النادي.

وبالعودة إلى التحكيم نرى أن الأمر مهم لسببين أولهما اتساع نطاق أنشطة الاحتراف الرياضية وما يترتب عليها من عقود وتنشأ عنها نزاعات، وثانيهما أن عقود الاحتراف الرياضي غالبا ما ترتبط بحقوق مالية ضخمة تكون مصدرا للمطالبة بالتعويضات أو الحسم من أجر اللاعب وغيرها مما قد يكون مصدرا للخلاف.

وعلى ذلك كان في المملكة العربية السعودية الجهة العليا في فض النزاعات الرياضية هو مركز التحكيم الرياضي السعودي الذي تنص المادة (2) من النظام الأساسي للمركز أن المركز هو الجهة العليا والحصرية للفصل في المنازعات الرياضية والمنازعات ذات الصلة بالرياضة عن طريق التحكيم أو الوساطة ويعد جهة مستقلة ومحايدة ويتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ويمثله الرئيس أو من يفوضه.

والأساس القانوني لعمل مركز التحكيم الرياضي أنه تسري أحكام النظام الأساسي لمحكمة التحكيم الرياضي (CAS) وقواعدها في العمل على فصل المنازعات، وحالة تعذر حل النزاع لعدم وجود نص في النظام الأساسي لمحكمة التحكيم الرياضي (CAS) وقواعدها تطبق أحكام نظام التحكيم السعودي ولائحته التنفيذية مما يعطي النزاعات الرياضية طابعا خاصا ومستقلا ما لم يكن له بعد دولي في اشتراط حل النزاع في مراكز تحكيم دولية.