حوار مع باحث في مبادرة الدراسات البحثية في أدب الأطفال واليافعين

د. امل راكان الخالدي
د. امل راكان الخالدي

الاحد - 04 فبراير 2024

Sun - 04 Feb 2024

كيف ترى مستقبل مشروع الدراسات البحثية في أدب الأطفال واليافعين وتأثيرها على واقع الدراسات النقدية والأدبية؟ وماهي في نظركم أهمية هذا المشروع؟

أستطيع أن أزعم بأن رؤية صاحب السمو الملكي ولي العهد – حفظه الله – تسير وفق خطوات جادة في السنوات الأخيرة نحو تطوير البيئة الثقافية، وأن تلكم الرؤية أتاحت لنا أن نحلم ونحقق. فبالرغم من أن أدب الأطفال واليافعين حديث النشئة في منطقتنا العربية وفي المملكة العربية السعودية على وجه التحديد إلا أننا أضحينا نُشاهد النور في النفق، لذلك فالدراسات النقدية لأدب الأطفال واليافعين بدأت تنمو – رغم قلتها ومحدوديتها - في الوسط الأكاديمي والأدبي، ومن هنا فإن هذه المبادرة والتي تعد الأولى من نوعها في هذا المجال أعادت بوصلة الاهتمام بأدب الأطفال واليافعين وستحدث حراكاً ملموساً في مجال نقد ودراسة ادب الأطفال واليافعين لاسيما وان هذا المشروع طرح موضوعات نوعية في هذا المجال. والملاحظ أن مشروع الدراسات البحثية في ادب الأطفال واليافعين جاء بعد ان عملت هيئة الأدب والنشر والترجمة على دعم الأدب الموجه للأطفال واليافعين من خلال مسرعات اعمال وفعاليات ومبادرات وورش عمل متخصصة تدعم صناعه الكتب لهذه الفئة العمرية، ومن ثم توج هذا الاهتمام أخيرا بإطلاق هذ المشروع لدعم الأبحاث النقدية في مجال أدب الأطفال واليافعين، هذه اليقظة تجاه الادب الموجه لهذه الفئة العمرية حتماً سوف تصنع لنا اجيالاً مثقفة وأدباءً ومبدعين صغار.

- حدثنا عن بحثك في مشروع الدراسات البحثية في أدب الأطفال واليافعين؟

يتناول البحث ترجمة المانجا للعربية، وتبرز أهمية هذه الدراسة كونها حسب علمي الأولى من نوعها والتي تتناول ترجمة هذا الجنس الأدبي الحديث نوعا ما في المشهد الادبي السعودي، حيث نشطت ترجمة فن المانجا الياباني في السعودية تحديدا عام ٢٠٢١ بعد أن وَقَّعَت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام اتفاقية لترخيص المحتوى مع مجموعة من الشركات ودور النشر اليابانية لصالح مشروع مانجا العربية لتقديم المانجا اليابانية للقارئ العربي والسعودي تحديداً. وتبحث الدراسة في سلوك المترجم السعودي حين يترجم فناً يابانياً صرفاً ليقدمه لليافع العربي والسعودي، خاصة وان هذا الفن فريداً من نوعه وتلعب فيه المادة البصرية دوراً حاسماً في خلق المعنى بجانب السرد، وتتنبأ الدراسة بشعبية هذا الفن المترجم في المشهد الأدبي السعودي بل ونشوء نسخة سعودية من هذا الفن الياباني على أيدي فريق من الموهوبين السعوديين رسمًا وتأليفاً بخصائص أدبيه تختلف و/ أو تتشابه مع الأصل الياباني.

- ما تقويمك لحراك النقد الأدبي ونقد أدب الأطفال خصوصًا في المشهد الثقافي السعودي؟

لا أستطع أن أزعم بأني مؤهلة لأكون قيما على ذلكم الحراك، ولكن كما اسلفت سابقاً بأن المملكة العربية السعودية تعيش في أفضل حالاتها على الإطلاق وبكل المجالات - في ظل الرؤية - والأرقام سيدة الأدلة على ذلك ، وأن النقد الأدبي لأدب الطفل سيكون نشطًا في الأوساط الأكاديمية والعلمية وسوف يحظى أدب الطفل باهتمام النقاد والتربويين على حد سواء، وأن تلك الجهود والرعاية البحثية في هذا المجال لا شك ستؤسس وعي ثقافي رصين بالنظر الى أهمية هذه الفئة العمرية كشريحة من شرائح المجتمع السعودي ودور الادب في تعزيز القيم الوطنية والإنسانية والدينية لديهم من خلال نصوصه وأجناسه المختلفة.

- ماهو تقييمكم لواقع الدراسات في أدب الأطفال واليافعين في المؤسسات الأكاديمية السعودية؟

أُشيد هنا في جامعة الأميرة نورة بوصفها الجامعة التي تُدير كرسياً بحثياً لأدب الأطفال – قد تكون الوحيدة على حد علمي - وعندما تتضافر الجهود وتتكامل بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية بالإضافة لمبادرات ومشاريع هيئة الأدب والنشر والترجمة فأن أدب الأطفال في المملكة سيقدم نفسه بخطى واثقة.

- ما الصعوبات التي تواجه الباحث في مجال أدب الأطفال واليافعين؟

بالإضافة الى الصعوبات التقليدية التي قد تواجه أي باحث في أي مجال مثل محدودية المصادر وعدم وجود منصة مرجعية للأبحاث في موضوع معين، فحركة النشر الجيدة في مجال كتب الأطفال واليافعين باتت ضعيفة وساد النشر الذي يستهدف الأرباح بغض النظر عن الجودة والقيمة. والباحث في أدب الأطفال واليافعين تحديداً يعاني من عدم وضوح الفئة العمرية المستهدفة على الكتب المنشورة، وقلة المنشور الموجة لفئة اليافعين مقارنةً بالأطفال.

- للنقد مسارات متعددة؛ ما سبب اهتمامك وتوجهك لاختيار أدب الأطفال واختياره مجالًا للدراسة؟

أولت المملكة العربية السعودية اهتماما بالغاً في كيان الأسرة والطفل بوصفهما الركيزة الأساسية للمجتمع، وأدرجت نصوصاً حمائية خاصة بهما في الأنظمة النافذة، ومن ذلك -على سبيل المثال لا الحصر، نص المادة (29) من النظام الأساسي للحكم والتي نصت على: (ترعى الدولة العلوم والآداب والثقافة، وتعنى بتشجيع البحث العلمي، وتصون التراث الإسلامي والعربي، وتُسهِم في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية.). لذا فقد أتيحت لي فرصة دراسة آدب الطفل واليافعين وأن أساهم مع شركاء الوطن من كتاب وأدباء ونُقاد ودور نشر ومؤسسات أكاديمية أو بحثية في إعادة صياغة المشهد الثقافي للطفل، بعد أن توفرت شروط ذلك من خلال الرؤية لذا فإن علينا الاهتمام بالذائقة والعناية بالخيال والنشء وبالتالي صنع جيل مبدع قادر بثقافته الرصينة على طرد كل دخيلة رديئة.

- ما الجوانب التي قد يسهم فيها الناقد ويفيد المبدع في أدب الأطفال من وجهة نظرك؟

إذا ما تم تفعيل الدراسات النقدية المتخصصة في أدب الأطفال وتحويلها لمنتج فإن هذه الدراسات قادره على استقراء ميول الطفل واستشراف احتياجاته مستقبلاً بشكل واقعي ووضع نتائجها امام المبدع سواء كان كاتباً او رساماً او ناشراً وحتى المؤسسات والجهات المعينة بالطفل وبثقافته وتوجيه المنتج الادبي ليناسب تطلعات الأطفال واليافعين واحتياجاتهم.

- مارأيك في واقع النتاج الأدبي في أدب الأطفال واليافعين، وهل يوازي ما ينتجه الأدباء في المجالات الإبداعية الأخرى؟

مازالت حركة خط إنتاج الأدب لا ترقى لطموح المبدعين من الكتاب والرسامين ولا تلبى احتياجات الطفل، ولكن من المبهج أن ذلك الخط مازال يعمل وينتج، وتتسارع وتيرته. وما تقوم به هيئة الادب والنشر والترجمة من مشاريع لدعم وحوكمة دور النشر الناشئة سيسهم بلا شك بتصويب البوصلة للإتجاه الصحيح في القريب العاجل.

- برأيك هل يلقى أدب الطفل احتفاءً قرائيًا يستحقه أم مازال دون المأمول؟

أن الأثر السلبي الكبير جراء الساعات الطويلة التي يقضيها الطفل مُـتخشباً أمام شاشات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، تحيل منهم إلى أدوات أو آلات يؤدون أدواراً ميكانيكية، وقد يشاركني البعض بأن الطفولة سُلبت ورزحت تحت وطأة التقنية الحديثة، وبالتالي لا يحظى ادب الأطفال باحتفاءً قرائياً يستحقه، رغم ذلك فأننا نؤمن بالدور الذي يتوجب علينا القيام به وتضاعف الحلم وأضحى أقرب مما كنا نتخيله.