دخيل سليمان المحمدي

لا تجعلوا من الميانة جناية

الأربعاء - 31 يناير 2024

Wed - 31 Jan 2024


مع تعدد العلاقات التي تربطنا بالأقارب والأصدقاء والمعارف والزملاء إلا أن لكل شخص منهم علاقة خاصة لمكانته التي تختلف بطبيعتها وحدودها وتعاملاتها عن الآخر، بل إن قليلا جدا من هذه العلاقات يصل إلى درجة الميانة وهذه الدرجة لا يستحقها إلا من يمتلك شروط استحقاقها من سمات وصدق وعقل وحكمة؛ لأن الميانة إذا لم تكن من أخ عزيز وصديق حميم لا يمكن تقبلها كونها مرحلة لا يصل إليها إلا بعد توطيد العلاقة الصادقة.

وللأسف الشديد فإن هناك من يستغل هذا المصطلح استغلالا لسلب الحقوق والتدخل في الأمور الشخصية بل ويتمادى إلى التجريح بالكلمات القاسية أمام الآخرين محتميا بحصانة لفظ الميانة مما يجعل الشخص الذي أمامه لا يرد عليه دفاعا بسبب تدخلاته وإسقاطاته وتطفلاته.

إن استخدام لفظ الميانة طغى على الكثير من الناس، حيث أصبحت جزءا لا يتجزأ من نمط حياتهم لتحميهم وتحصنهم ليعبثوا بهزلهم ومزحهم من أجل إضحاك الآخرين.

أنا هنا لست ضد المزاح بل أؤكد أنه أمر مطلوب كونه يضيف رونقا وجوا ومزاجا جميلا، كما يقرب القلوب ولكن يجب أن يكون بحدود الأدب والابتعاد عن الخصوصية والشتم والتجريح والتهكم بالشكل أو المظهر أو بطريقة الكلام والاقتصاد والبعد عن الإسراف والإكثار منه.

حتى نبتعد عن هذه الإحراجات علينا أن نعي بما يسمى بالوعي الموقفي، وهو فهم واستيعاب ظرف الزمان والمكان ونفسيات الأشخاص ومدى تحملها للمزح.

فمن كمال الشخصية والحكمة ورفعة الذوق أن تفهم ما يتطلبه السياق المكاني والزمني من قول أو فعل وفهم طبيعة الموقف وما يستدعيه من تصرف، وعلينا دائما أن نتعامل بالوسطية دون إفراط ولا تفريط بعيدا عن الفضول الزائد وكثرة الأسئلة عن الخصوصيات، ومعرفة متى نجعل ما نسميه مزاح (الطقطقة) أحد عناصر الميانة التي تشملها الحصانة من غير جناية.



dakhelalmohmadi@