عبدالله العولقي

علم المستقبليات والذكاء الاصطناعي

الأربعاء - 31 يناير 2024

Wed - 31 Jan 2024


قبل عدة أيام، تداولت وسائل الإعلام الأمريكية خبرا يتحدث عن احتمالية انفصال ولاية تكساس عن وطنها الأم الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية التوترات القائمة بين حاكم الولاية وإدارة الرئيس بايدن فيما يتعلق بقضية تطبيق قانون الهجرة.

هذا الخبر المثير جعلنا نستدعي تنبؤات عالم المستقبليات الشهير ألفين توفلر (1928-2016م) عندما نشر في بداية ثمانينيات القرن الماضي أطروحاته التنبئية حول مصير الاتحاد السوفيتي، وعندما تحققت نبوءاته بانهيار المنظومة الاشتراكية عام 1990م، ارتفعت شعبية توفلر في الأوساط الثقافية وأصبح حديث الصحف العالمية، لكن عالم المستقبليات فاجأ الأوساط الإعلامية بعدها بتنبؤاته حول تفكك الولايات المتحدة أيضا وانفصال بعض الولايات الغنية عنها كولاية تكساس، فهل تصدق الآن نبوءات هذا العالم المستقبلي حول مصير الولايات المتحدة؟.

يعد علم المستقبليات FUTUROLOGY من أهم العلوم التي تحظى باهتمام الجامعات والمعاهد العلمية ومراكز الأبحاث والدراسات في الدول المتقدمة، وهو فن بناء افتراضات مستقبلية بناء على دراسات علمية وحسابات تنبؤية دقيقة تعرف بعناصر المخاطرة، ومن الجدير بالذكر أن العديد من تلاميذ ألفين توفلر قد أصبحوا قادة في بلدانهم مثل الرئيس السوفيتي جورباتشوف والرئيس الهندي زين العابدين أبوالكلام والزعيم الصيني تشاو جيانغ وغيرهم.

هذه الأيام، يعود علم المستقبليات إلى الواجهة مرة أخرى فيما يتعلق بمخاطر الذكاء الاصطناعي، هذا الشبح التكنولوجي القادم والذي تشير الدراسات التنبؤية عن إمكانيات هذه التقنية بأنها سوف تلغي ملايين الوظائف البشرية حول العالم، وفي المقابل ستخلق وظائف جديدة تتلاءم مع طبيعة المرحلة القادمة مثل وظائف الطاقة المتجددة والأمن السيبراني وبرمجة الروبوتات وآلية الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة وإنترنت الأشياء وغيرها.

بعض الدراسات تشير إلى احتمالية اختفاء مفهوم العمالة البشرية بصيغتها التقليدية، وهنا يأتي دور علم المستقبليات تجاه تغيير مفهوم الأقسام الجامعية والمعاهد الفنية نحو متطلبات أسواق العمل الجديدة، وقد صدرت عدة دراسات تنبؤية توصي الجامعات بدراسة طبيعة الأسواق القادمة حتى تتوافق المناهج التعليمية مع معالم الثورة الصناعية الرابعة وحتى الخامسة أيضا، بالإضافة إلى تهيئة طلاب المستقبل على اكتساب مهارات الإبداع والتفكير النقدي والقدرة الابتكارية على حل المشكلات والأهم من ذلك كله هو تزويدهم بمهارات التعامل مع التكنولوجية الحديثة.

في عام 2019م صدر كتاب رائع بعنوان التسعة الكبار للدكتورة إيمي وب والتي تدير معهد الدراسات المستقبلية بالإضافة إلى عملها كأستاذة في جامعة نيويورك، يتحدث الكتاب عن الدراسات المستقبلية وكيف ستكون الحياة في عالمنا كل عشرين عاما، 2029، 2049، 2069، وهكذا، وقد بنت دراساتها التنبؤية حول تسع شركات كبار، ست منها في الولايات المتحدة وثلاث في الصين، الملفت في الكتاب هو موضوع الذكاء الاصطناعي ودخوله في مجال علم المستقبليات، وقدرته الرهيبة على صناعة سيناريوهات المستقبل المحتملة والافتراضات الممكنة، والأهم من ذلك قدراته على تقديم الحلول الممكنة.

وفي الختام.. يبدو أن تلازمية علم المستقبليات والذكاء الاصطناعي ستشكل علامة فارقة في عالمنا خلال العقود القادمة والله أعلم.



albakry1814@