ياسر عمر سندي

مجال إدارة الآمال

الأربعاء - 24 يناير 2024

Wed - 24 Jan 2024

ماذا تريد أن تصبح إذا كبرت؟ وبعفوية الأطفال تتذبذب الإجابات لديهم بعدد من الوظائف في مخيلتهم المحددة بين دكتور أو مهندس أو معلم أو شرطي أو طيار.

أرى بأن ذلك التذبذب في انحسار الخيال الإبداعي وتراجعه يعود إلى التدخل الخارجي في تنميط العقلية الطفولية الخصبة التي تعطل إنتاج آمالها الكامنة.

تلك الإفرازات الوالدية والمجتمعية لرغباتهم يسقطونها بفرض تخصصات معينة على أبنائهم فيصبحون تحت رحمة أمنياتهم يبثونها بإيحاءات مباشرة وغير مباشرة مثل «نريد منكم اختيار المسار العلمي، لأن الأدبي ليس له مجال» كنوع من المفاخرة العائلية والمباهاة المجتمعية بأن ابني وابنتي وأخي وأختي سيصبحون مهندسين أو أطباء؛ وكأنما المجالات الأخرى ليس لها أي قيمة مجتمعية.

يبدو أن تلك الإيحاءات المحيطة شكلت على البعض ضغوطا نفسية قادتهم لقرارات عشوائية وتخبطات حياتية في اختيار مستقبلهم الدراسي والمهني وكذلك الزواجي وبالتالي أثرت على مشاعرهم وحرمتهم تحقيق ميولهم وهواياتهم وإبداعاتهم وابتكاراتهم.

حتى أوضح للقارئ الكريم مقصودي فأنا لست ضد الدور الوالدي في الحفاظ على مصلحة الأبناء؛ لكن ما أعنيه وأرمي إليه هو ترك المجال لهم لتحقيق آمالهم حتى لا يستيقظوا بعد سنوات من ضياع الجهد والوقت والمال ليتفاجؤوا بأن مجالهم لا يتوافق مع آمالهم.

هنالك آمال تتطلب الثبات المبني على الرغبات بما لا يتعارض مع التزامنا التشريعي، والعرفي؛ الديني، والمجتمعي؛ وتمكين النشء من استشراف مستقبلهم تدريجيا وتربيتهم على تحمل مسؤوليتهم؛ لأن هذا العصر المعرفي أكثر انفتاحا وسهولة لتكوين ملامح الآمال بما يتوافق مع أهدافهم وقناعاتهم وتطلعاتهم.

إدارة الآمال أجدها مجالا يبدأ بالتخطيط والمتابعة الوالدية التي تمثل الجانب الإداري وليس القسري؛ بتفهم فلسفة الحوار وبناء حرية الاختيار لوضع التصورات المستقبلية والتأكيد على الاحتياجات بعيدا عن الصراعات لتعزيز الطموحات؛ ليرسم الأجيال خارطة الآمال باستشعار مسارهم الصحيح للبدء من نقطة الانطلاق وصولا إلى نقطة الاستحقاق.

إدارة الآمال تنمي الاستقرار النفسي في مراحل التكوين الأولية وتدعم الاستقلالية؛ فالخالق جل وعلا كرمنا بالعقل وفطرنا على الاختيار لا الإجبار؛ لأن إجبار النفس يعطل عمل العقل ويفقده الطرح الإبداعي؛ بالتالي سيصبح الفرد منمطا ومقيدا مهزوز الشخصية في أمور كثيرة ومؤثرة وسيتبنى سيطرة الفكر اللاشعوري؛ ما ذا يريد هو لا ماذا أريد أنا.

آمل أن أكون عالما أو رساما أو كاتبا أو مؤلفا أو أديبا أو خطيبا أو مخرجا أو مرشدا سياحيا أو متخصصا بمجال يرتبط بالعلوم الإنسانية؛ حتى يتمكن الأطفال من إجابة السؤال في بداية المقال بكل ثقة منبثقة من رغبة وقناعة لتتحقق آمالهم الدراسية والمهنية والاجتماعية بمشيئة الرحمن.

حتى نعمل ما نحب يجب أن نحب ما نعمل.

Yos123Omar@