ميسترال.. عملاق التكنولوجيا القادم

تعودنا أن الضربات الاستباقية في مجالات التكنولوجيا تأتي من بوابة التنافسية المحتدمة بين الولايات المتحدة والصين، ولكن هذه المرة جاءت القفزة التقنية من البوابة الأوروبية، وتحديدا من فرنسا، شركة ميسترال المتخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، انطلاقة صاروخية ومفاجأة مدهشة في التأسيس وتكوين الثروة، دشنها الشاب العبقري الفرنسي آرثر مينش خلال التسعة أشهر الماضية، وتعد الآن الشركة العالمية الرائدة الأولى في مجال الذكاء الاصطناعي!!.

رفض آرثر مينش جميع العروض الوظيفية التي قدمتها شركات التكنولوجيا الأمريكية في وادي السليكون، حيث قدم استقالته من شركة ديب مايند التقنية التابعة لشركة قوقل، وقرر بعدها العودة إلى بلاده فرنسا من أجل حلم طالما راود مخيلته الواسعة، وفي شقة متواضعة في عاصمة النور باريس أسس آرثر مينش شركته الناشئة والتي أطلق عليها شركة ميسترال التقنية، ومعه عشرة موظفين فقط، وخلال عدة أشهر أعلن مينش عن نجاح شركته في تقديم خدماتها الذكية عبر نماذج لغوية مفتوحة المصدر، هذا الإعلان جعل صناديق الاستثمار العالمية تتهافت بقوة للاستثمار في شركته الناشئة ميسترال والتي تقدر قيمتها السوقية الآن بحوالي اثني مليار يورو!!
الأوروبيون عموما والفرنسيون بشكل خاص لديهم اهتمام متزايد بآرثر مينش وشركته الناشئة، ربما لأنهم يريدون التخلص من أنظمة التبعية التقنية لعملاقي التقنية الولايات المتحدة والصين، حيث تحظى شركة ميسترال بدعم مباشر من الرئيس الفرنسي مايكرون والذي صرح مفاخرا بهذه الانطلاقة الفرنسية، حيث دعا بقية الدول الأوروبية إلى الاستثمار في شركة ميسترال، وعلق قائلا: بأن السيناريو الأسوأ لنا هو أن يكون الاستثمار الأوروبي أقل بكثير مما تستثمره الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن لا يكون الأوروبيون قادرين على صنع أبطال كبار في سوق التكنولوجيا، وأن أوروبا اليوم أمام فرصة متاحة للتنافس في هذا المجال الواعد.

تقدم شركات ميسترال خدماتها بصورة متطورة جدا، فعلى الرغم أنها تقدم نماذجها اللغوية في مجالات الذكاء الاصطناعي مثل برامج الدردشة الآلية بأحجام صغيرة نسبيا إلا أن خدماتها تتمتع بأداء سريع ودقيق وقوي، وهذه ميزة تنافسية مهمة تفرق بها عن أقرب منافسيها شركة أوبن إيه آي الأمريكية الشهيرة، بالإضافة إلى ميزة أخرى وهي أن تلك النماذج مفتوحة المصدر، وتعتبر أقل قيودا وأكثر سهولة في الاستخدام مقارنة بالنماذج المغلقة التي تقدمها الشركات التقنية الأخرى.

في الختام، قبل عدة أيام، عقد مؤتمر دافوس العالمي وقد خطفت الشركة الجديدة أنظار العالم بقفزاتها السريعة، وأصبحت شركات التقنية العملاقة مثل مايكروسوفت وقوقل وأوبن إيه آي ينظرون إلى هذا القادم الجديد بعين المراقبة الحذرة، فهل تستطيع شركة ميسترال بقيادة مؤسسها الشاب آرثر مينش قلب المعادلة التقنية؟، كل شيء ممكن في هذا العالم المتسارع.


albakry1814@