عائشة العتيبي

مرحلة انتهت!

الاحد - 21 يناير 2024

Sun - 21 Jan 2024


الحنين لأيام مضت وكانت بها تفاصيل رائعة ابتسمنا عندها كثيرا، وتعالت بها صوت ضحكاتنا وسكانها، ببساطة ما نملك من أشياء، ثم غادرنا تلك الأماكن وانتهى الزمن. فتلك هي الأيام مع مرور الوقت ستصبح مجرد ذكرى.

نعيش على تذكار لأيام ذهبت، وبقينا نتأمل لحظاتها بين أنفسنا دون عنوان يعيدنا إليها من جديد.

فالأيام التي مضت لا تعود بنا بحس البساطة والسعادة والرحابة نفسها، نخشى المزاح واللطف معهم بسبب فهمنا لواقعهم وما يفرض علينا، وبسبب انتقادهم وتقليلهم لنا، ثم نتراجع ونحترم مرحلة العمر الذي نحن به الآن، ونضج العقل الذي يلزمنا التأدب والاحترام لمن هم أمامنا.

لا نستطيع اللعب كالسابق، ولا نستطيع الدوران حول أنفسنا عندما نشعر بالسعادة، ولا التصفيق لأنفسنا عندما نسقط من كثرة الضحك، ثم الحب لتلك اللحظات التي كبرنا عنها بسبب نظرة غيرنا بأنه شيء معاب وغير لائق لمرحلتنا الآن، التي تتحتم علينا الاتزان وأخذ الأمور بجدية، هكذا بنظرهم يجب علينا فعله عندما كبرنا ونضجنا، والآن نحن أقرب للبكاء من الضحك.

أكتب الآن وأنا محملة بالدموع، لأنني فقدت فرصة لمتسع كنت أعيش عليه أصعب أيامي وهو «الضحك»، ثم أتذكر أحداثا كنت لا أبالي بها عندما أسعد، حين كبرت جعلتني أحترق تلك اللحظات لأنها لن تعود إلي من جديد، وأستمتع بالقهقات منها، لم أعد أقلق بعدم الضحك فأنا أجيد إخفاء ما بداخلي من شعور حب، وضياع، بابتسامة رضا لأجل العيش بين من أحبهم.

نعم، أعلم لم يضع الحلم مني أبدا بل هو يتجدد من اللاشيء بي. لأنني أعيش بين صفحات صعب قراءتها، وأملك قلما من الصعب كسره وإحراقه.

نعم، أكنّ شعورا ما بداخلي يحرقني، لذلك اقتصرت بابتسامة كنت أدعي بها الرضا، آكتب كي أعيش فقط ولا أرغب في الاحتراق، ولا أرغب في الجلوس تحت ظل صغير يذهب حين تغيب الشمس عني. نعم، أنا تلك التي تخشى الظلام وتحب الليل، لكن يأسرني ضوء الشمس عندما يلتقي على جهة من أطراف شعري، مرورا بجزء صغير من عيناي إلى أطراف أناملي التي تكتب لكم، وتبعثر أحرفها لأعين تجرعت الفقد، وأخرى تألمت، والقليل من الآخرين الذين يصنعون الأمل داخلهم عندما يقرؤون شيئا مما أكتب، لم أحبط وإن فشلت، ما زلت أنتظر فرصة ملموسة تعيد ترتيب أحلامي وطموحاتي أبين سطر أم بين حرف.

المهم أن تأتي ولن أستسلم، لكن أخبركم بالحقيقة الغائبة عنكم. في الحقيقة أنا مجرد كاتبة عاطلة عن العمل.

ترهقنا التفاصيل الصغيرة وكأنها تخبرنا بأننا كبرنا، وعلينا التزام الصمت في مواقف من المفترض تتعالى فيها صوت ضحكاتنا، فنختنق بكلماتنا ولا نستطيع أن نخرجها من كثرة الضحك لتتغير ملامح وجوهنا، وكأننا نصاب بمزيج من الخجل مع السعادة، نراه فقط عندما نضحك كثيرا دون مبالاة لما يقال عنا ودون تفكير بنظراتهم إلينا، لكن الآن نضحك قليلا مع من نعرفهم ويفهمون أننا أصحاب طابع جميل وروح طيبة، لا استنقاص ولا تقليل منهم، فهم يدركون ما هي شخصياتنا ويقدرون قيمتنا.

لكن هناك من نعرفهم وقريبين منا لا يودون أن نضحك ونشعر بلذة المواقف الطريفة، وما هي لحظاتنا الجميلة.

نحن نعرفهم لذا نكتفي بالضحك عندما نصبح وحدنا، فلا يمكننا أن تتعالى أصواتنا وضحكاتنا أمامهم، حتى لا يعتقدوا أننا نستنقص منهم.

لقد تعلمنا من المواقف التي بيننا وبينهم ومن نظرات الانتقاد التي يوجهونها حين ينظرون إلينا، لذا لزمنا الصمت حتى نشعر بالهدوء في كل مرة نراهم أمامنا ونجلس بجانبهم برأيي كان هذا هو الأفضل.

نختار الرضا حتى نملك الاقتناع، ونختار الأمل لنكسب الصبر، ولأننا كبرنا وتجاوزنا مرحلة هم يرون فيها أنه انتهى عمر المرح والسعد والضحك واللهو، فعلينا إغلاق آخر صفحة علمنا بهم، فكان أبرز ما نرى بتلك الصفحة نظرتهم المقتصرة عليهم فقط، فهم بالنسبة لنا مجرد مرحلة انتهت.


3ny_dh@