الضوضاء البصرية وأثرها على التعلم
الأحد - 21 يناير 2024
Sun - 21 Jan 2024
يعد ديكور الفصل الدراسي وتنظيمه مؤثرا على مستوى وتفاعل الأطفال في أي مساحة تعليمية. فعندما تكون بيئة الفصل محفزة بصريا بإضافة الزينة والألوان الزاهية، تصبح المحافظة على تركيز الطالب أمرا معقدا وقد تصل لمرحلة التشتت الذهني.
وعلى العكس تماما، فعندما يتم إنشاء بيئة صفية منظمة وبألوان مريحة للعين، يصبح الطالب أكثر قدرة على التركيز والتفاعل.
في كل بداية عام دراسي أشاهد صورا للفصول الدراسية وبالأخص لمرحلتي الروضة والصفوف الأولي على وسائل التواصل الاجتماعي، فأجد أن البعض يميل إلى تنسيق غرفة الصف بالكثير من الألوان رغبة في جعل البيئة التعليمية مبهجة ومشرقة ومحببة لدى الأطفال.
فنجد ملصقات الأحرف الأبجدية والأرقام متعددة الألوان تملأ الحائط، وربما يتضمن الفصل سجادة تلونت بالرسومات الأشكال الهندسية الزاهية.
ويرجع هذا الاعتقاد بأن الألوان الزاهية ستحبب الأطفال بالمدرسة، ولكن في واقع الأمر ماهي إلا ضوضاء بصرية مشتتة لانتباه الطفل.
من خلال حوار لي مع بعض معلمات الطفولة المبكرة والصفوف الأولى قمت بتدوين بعض الملاحظات المتعلقة باستخدام هذه الأنواع من العناصر المرئية وعلاقتها بتشتت انتباه الطفل ولخصتها كالتالي:
- التصاميم والألوان بلوحة الإعلانات والجدول الأسبوعي وغيرها من الملصقات الجدارية بغرفة الصف ملفتة للنظر، لذلك خلال وقت الدرس نجد طفلا ما يحدق بها ليتأمل تلك الألوان بدلا من الانتباه لحديث المعلمة.
- عندما يجلس الأطفال على سجاد مليء بالرسومات والألوان الزاهية، نجدهم يحدقون بتلك الألوان بينما المعلمة تحاول شد انتباههم دون جدوى.
- تقدم بعض المعلمات عددا كبيرا من الخيارات في منطقة واحدة من الفصل الدراسي، ولكن نتيجة لتعدد الأنشطة في تلك المنطقة نجد الطفل يلعب بلعبة واحدة لمدة ثلاث دقائق، ثم ينتقل إلى اللعبة التالية، ومن وجهة نظري هذه الطريقة توثر سلبا على صقل أو تنمية المهارات المقصودة.
تنصح فلسفات مونتيسوري وريجيو إميليا التعليمية بالمكونات البصرية كوسيلة للحفاظ على هدوء الفصل الدراسي ونسبة تركيز الطفل خلال عملية التعلم. وكما ترى فلسفة ريجيو إميليا البيئة الصفية على انها المعلم الثالث للطفل، فإن ما يوجد في تلك البيئة، وكيفية تنظيمها، وكيف تبدو، يؤثر بشكل مباشر على ما سيتعلمه ويكتسبه.
والسؤال الذي يتبادر لذهن القارئ في هذه اللحظة، ماهي الأساليب التي أستطيع من خلالها تقليل الضوضاء البصرية في الفصول الدراسية؟
أرى أن هناك خطوتين أساسيتين لإعداد بيئة هادئة بصريا:
أولا: الألوان، عند اختيار الألوان لفصلك الدراسي، سواء كان ذلك للأثاث أو السجاد أو الحائط، فإن أفضل طريقة لجعل بيئة الفصل هادئة بصريا هي اختيار الألوان المقاربة لألوان الطبيعة مثل ألوان الأخشاب والرمال والأشجار.
تقول ماريا أليفيرا، مديرة في تصميم الألوان وخبيرة التصميم التعليمي والفصول الدراسية: «تساعد الألوان الدافئة الطلاب الصغار على الشعور بالانتماء وبأنهم جزء من بيئة الصف.
فالألوان المحايدة مثل البيج والكريمي والبني الداكن هي ألوان مريحة وتوفر بيئة آمنة وتخلق جوا وديا”.
وباعتقادي هذا ما تحتاجه المعلمة في بداية العام الدراسي لخلق جو ودي مع الأطفال.
كذلك من المهم اختيار سجاد ذو ألوان محايدة للحد من التشتت البصري.
أما بالنسبة لجدران الفصل فالأفضل ترك مساحات فارغة واستخدامها لعرض الأعمال الفنية للأطفال، فهم يريدون رؤية أعمالهم معروضة أمامهم.
ثانيا: تنظيم الفصل الدراسي، إحدى أهم القواعد التي أحرص على تطبيقها في إعداد البيئة الصفية تقول الأقل هو الأكثر.
وتعني إن تقنين أعداد الديكور والألعاب والأنشطة المخطط لها يحفز الإبداع والتفكير الخيالي لدى الطفل.
كذلك إذا كانت مناطق التعلم في غرفة الصف ممتلئة ومتكدسة فستكون سبب في حدوث توتر بين الأطفال.
وكلما امتلأت جدران الفصل بالملصقات الزاهية، سيواجه الأطفال صعوبة في التنظيم الذاتي، وإذا كنت جديدا على هذا المصطلح، باختصار فإن التنظيم الذاتي يحدد قدرة الطفل على التحكم في الطاقة المطلوبة للتعامل مع المهام والضغوط اليومية مثل القدرة على التركيز أو انتظار دوره أو التحكم في احتياجاته الخاصة.
كما يجب الأخذ بالاعتبار المساحات داخل كل منطقة تعليمية واستخدام أثاث يعطي مساحة للحركة والاستكشاف وتنظيمها بحيث يعرف الأطفال ما هو متوقع منهم في كل منطقة.
أخيرا، عند التخطيط للفصل الدراسي الخاص بك، ضع في اعتبارك عدد الموارد والمصادر المطلوبة في كل منطقة وابدأ بالأهم ثم المهم لكل مشروع، سيساعد هذا في الحفاظ على هدوء طلابك وتفاعلهم.
وعلى الرغم من أن كل شخص يتعامل مع بيئته بشكل مختلف، إلا أنه يمكن لأي منا الاستفادة من بيئة هادئة بصريا خاصة عند تعلم مهارات جديدة.