علي المطوع

خارطة الطريق لكل مدير جديد

الاحد - 21 يناير 2024

Sun - 21 Jan 2024


مبدع أنت يا سعادة المدير في وصولك إلى هذا المكان وتلك المكانة، خاصة أنك ما زلت في سن صغيرة قياسا بمن سبقك وربما من سيأتي بعدك، هذا يعكس شيئا من معالم شخصيتكم القوية المؤطرة بتلك الرؤية الثاقبة المنطلقة خلف تلك الطموحات الجموحة، المحفوفة بتلك المصاعب الكثيرة التي تنتظر كل قائد نذر نفسه ومواهبه للنجاح والنجاح فقط.

هذه بعض معالم شخصيتكم المتميزة، ولكن ماذا عن تجربتكم الوليدة، وماذا تحتاج لتثمر وتستثمر وتوصل وتصل؟
أعتقد أن أي مدير جديد سيواجه في تجربته الإدارية ثلاث فئات، كل فئة من هذه الفئات لها أجنداتها المختلفة ومخيالها الإداري والتجاربي ومنطلقاتها التي بها تكون أو لا تكون، فأول هذه الفئات: المتفقون، وثانيها المختلفون والمخالفون، والثالثة هم أصحاب الرأي والرؤية.

فالمجموعة الأولى نفعيون إما بدافع العشم أو الانتهازية، كونهم مقربين إليك وينتظرون الكثير منك، فخذ منهم ما يعينك واحذر أن يثقلوا كاهل تجربتك الوليدة، كونهم محسوبين عليك عددا وعدتهم دائما قليلة، والتجارب الإدارية تقول إياك أن تؤتى تجربتك من قبلهم، فهم الضرر الذي قد يصيب تجربتك من حيث لا تدري!
أما المجموعة الثانية، فهم المختلفون والمخالفون، فالمختلفون ضروريون لزيادة خياراتك الإدارية ورفع مستوى أدائك، لكنهم في النهاية ليسوا معك بل مع تجربتك، إن نجحت نجحوا معك، وإن أخفقت كنت وحدك صاحب هذا الإخفاق، هؤلاء لديهم رؤاهم ومعطياتهم لكنهم يتحمسون أكثر لذواتهم وقد يخذلهم التقدير عندما يرون الأضواء تنحسر عنهم لآخرين جدد فيصبحون سلبيين عالة على تجربتك، أما المخالفون فهم الحقودون والحاسدون، لا يعجبهم العجب ولا يتفقون معك في توقيت صيام رمضان ولا بعض من رجب، ومع ذلك يظل وجودهم مؤشر نجاح، ودافعا لتحقيق الأهداف، كونهم رقما لا تستغني عنه تجربتك، فهم المصاعب التي تندرج تحتها العديد من فرص النجاح لك ولمنظومتك.

أما المجموعة الثالثة، فهم أصحاب الرأي والرؤية والروية، وهم القلة القليلة، لديهم من التجارب ما يسددك ويصوب أخطاءك ويعيد الحياة لتجربتك لتستمر سائرة نحو أهدافها، هؤلاء يناصرون نجاحك ويعيدون تقييم فشلك؛ لأنهم يعشقون النجاح للمنظومة وليس لأنفسهم، لهم شخصياتهم المستقلة وتجاربهم الناجحة ويظلون خيارك وخيار تجربتك الأول والأخير.

أما ما ينبغي عليك الحذر منه فنوجزه في عدة أمور، فإياك والإشاعة التي يبنى عليها قرار، والانطباع الأولي الذي يبنى عليه موقف، وصناع المحتوى الفارغون التافهون الذين لا يعملون ولا يعلمون ولا يسعدهم أن يعمل ويعلم الآخرون.

ختاما، تذكر يا سعادة المدير، أن السلم الأخلاقي في البيئات الإدارية (الموبوءة) يكون بالعكس، بمعنى أن صعود الموظف إلى الأعلى يكون باتجاه السيئ من الأخلاق، والسبب يعود لأسلوب إداري فاسد وعقيم، زرع في هذا الموظف الموبوء وأمثاله هذه المفاهيم الخاطئة؛ والنتيجة كارثية كون البيئة الوظيفية بمجملها تصبح بيئة مسمومة، طاردة لأصحاب النهج الوظيفي القويم والخلق الإنساني الرفيع.




alaseery2@