فهد محمد الأحمري

هل لثقافة الموظف الشخصية دور في المنشأة؟

السبت - 20 يناير 2024

Sat - 20 Jan 2024


حديثنا هنا عن الثقافة العامة باعتبارها مخزونا تراكميا تحصل عليها الشخص من خلال القراءة الحرة والاطلاع المفتوح.

يرى البعض أن ثقافة الموظف العامة الشخصية لا تهم القيادة وليس لها دور في الأداء الوظيفي والتأثير على الإنتاجية، بينما يرى آخرون أهمية ذلك من جوانب عديدة نستعرض بعضها من خلال هذه الأسطر.

قبل هذا نتعرف على مفهوم المثقف بإيجاز.

يرى لويس فوير بأن «المثقف هو الشخص الذي تمتد أفكاره إلى نطاق أبعد من مهنته، ويهتم بالقضايا والمشكلات الحقيقية».

من خلال هذا التعريف، يتبين لنا بأن دور المثقف يتخطى حدود مهنته.

والمقصود بالمثقف هنا هو المحب للتحصيل الثقافي الحر ولو بأدنى مستويات الثقافة، وبالتالي فهو شخص متعلم تجاوز نطاق تخصصه للتأثير في سلوكيات الأفراد وفي صناعة واتخاذ القرار ضمن محيطه المهني والاجتماعي. وهذه صفات تكسب صاحبها القدرة على التفاعل والتعايش مع الأوضاع المحيطة والأنماط الفكرية المختلفة.

إن ثقافة الموظف الشخصية، تلعب دورا حاسما في التأثير على المنشأة. وهنا نستعرض بعض الأمور التي يمكن أن تؤثر بها ثقافة الموظف الشخصية على المنشأة:

الأداء والإنتاجية: تؤثر ثقافة الموظف الشخصية على أدائه وإنتاجيته في العمل، فالحصيلة الثقافية لها دور بارز في تعزيز القيم العليا التي اكتسبها من خلال القراءة والاطلاع لتضفي عليه روح الحماس والالتزام المهني الأخلاقي وروح العمل العالية مما ينعكس على إسهاماته في تحقيق أهداف المنشأة وربما طور وأعاد مفاهيم المنظومة وقادها نحو نجاحات أخرى.

وهنا نقطة جوهرية وهي أن التخصص المهني يحتاج إلى تطوير بحكم أن العلوم تتطور ولا تقف على المعلومات التي اكتسبها الشخص في تخصصه الأكاديمي.
ولأن الموظف المثقف قارئ نهم ومحب للاطلاع وبالتالي فهو يعمل على تطوير نفسه بالقراءة والاطلاع في مجاله ومجالات أخرى بخلاف الموظف البعيد عن مهارة القراءة والاطلاع.

العمل الجماعي والتعاون: تؤثر ثقافة الموظف الشخصية أيضا على قدرته على العمل في الفريق والتعاون مع زملائه، فالموظف المثقف، ولو جزئيا، شخصية منفتحة متعاونة ويتمتع بمهارات اجتماعية قوية. ولهذا فمن المرجح أن يسهم بشكل إيجابي في تعزيز العمل الجماعي وتعزيز التعاون داخل المنشأة.

وعلى النقيض من ذلك، فإذا كان الموظف يفضل العمل بشكل منفرد أو يعاني من صعوبات في التواصل والتفاعل مع الآخرين، فقد يكون له تأثير سلبي على الفريق.

القيادة والتأثير: قد تؤثر ثقافة الموظف الشخصية على قدرته على القيادة والتأثير في المنشأة، فحين يكون الموظف مولعا بالتحصيل المعرفي، نجد لديه سلوك مهاري وروح قيادية تجمع بين الحزم والمرونة اكتسبها من روح الثقافة الشخصية، الأمر الذي يؤهله ليكون قادرا على تحفيز الفريق وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف المشتركة.

من ناحية أخرى، إذا كان الموظف يفتقد للنزعة الثقافية نجده غير قادر على تحمل المسؤولية ويفتقر إلى المهارات القيادية، مما يكون لديه تأثير سلبي على القدرة التنظيمية والتوجيهية في المنشأة.

القيم والثقافة المؤسسية: يمكن أن تتداخل ثقافة الموظف الشخصية مع القيم والثقافة المؤسسية للمنشأة، فإذا كانت قيم الموظف متناغمة مع قيم المنشأة وثقافتها، فمن المرجح أن يكون لديه تأثير إيجابي على الأجواء العامة في المنشأة ويسهم في تعزيز الانتماء والتماسك المؤسسي.

ومن الجانب الآخر، إذا كانت توجهات الموظف تتعارض مع القيم والثقافة المؤسسية، فإن قدراته هنا تتجلى من حيث التعايش والمرونة بفضل مكتسباته المعرفية بخلاف فاقد الروح الثقافية الذي قد يدفعه سلوكه غير الناضج للتصادم مع البيئة العامة في المنشأة ويؤدي إلى تشويش أو تعارض.

الثقة والسمعة: تؤثر ثقافة الموظف الشخصية على سمعة المنشأة ومستوى الثقة الذي يوليه العملاء والشركاء التجاريون للمنشأة، فحين يتسم الموظف بثقافة شخصية تتميز بالنزاهة والاحترافية والتفاني في العمل، فهو بالتالي يسهم في بناء سمعة إيجابية للمنشأة وتعزيز الثقة لدى العملاء والشركاء.

الابتكار والإبداع: تعزز ثقافة الموظف الشخصية الابتكار والإبداع في المنشأة، فتجده متحمسا لطرح أفكار مستحدثة، ويتمتع بالقدرة على التفكير الابتكاري وحل المشكلات، فقد يسهم في تطوير وتحسين عمل المنشأة ومساهمتها في التطور والابتكار في سوق العمل.

يجب ملاحظة أن تأثير ثقافة الموظف الشخصية قد يختلف من منشأة لأخرى، وذلك بناء على طبيعة العمل وثقافة المنظمة نفسها.

بعض المنشآت قد تهتم بتعزيز الثقافة الشخصية المتوافقة مع قيمها ورؤيتها، في حين أن الأخرى قد تضع تأكيدا أكبر على توافق الموظف مع القيم المؤسسية المحددة.

وعليه فإنه يعزى للمنشأة أن تولي اهتماما كبيرا لعملية اختيار الموظفين وتوظيف الأشخاص الذين يتمتعون بثقافة شخصية حتى لو كانت غير متوافقة مع قيم المنشأة وثقافتها لقدرته على التكيف ومن ثم التأثير العقلاني المتدرج على المنشأة أو عليه شخصيا أيهما أقرب للصواب والإقناع المنطقي.

وبالمجمل فإن الثقافة الشخصية للموظفين تعزز الانضباط والمسؤولية والاحترافية، ولها تأثير إيجابي على كافة جوانب أداء المنشأة، بدءا من الإنتاجية والجودة وحتى التواصل الفعال والتعاون بين الفرق. وبالتالي، فإن تعزيز ثقافة الموظف العامة الشخصية المناسبة يعتبر عنصرا أساسيا لنجاح المنشأة وتحقيق أهدافها.


fahadalahmary1 @