عبدالله سعود العريفي

هذه مشكلتي

الثلاثاء - 16 يناير 2024

Tue - 16 Jan 2024

طلب من صاحبه ذات يوم أن يساعده في إيجاد حل لمشكلته، وقال: «إن حياتي قد أصابتها حالة غامضة وأظنها مشتبكة وأعتبرها محيرة ولا أدري كيف أتخلص منها ولا أعلم كيف أتغلب عليها؟؛ ففي أوج انشغالي وفي ذروته تتابع علي الكثير من الأفكار وتتوالى وأرغب في أن أنجزها جميعا ويكون لدي شدة اندفاع وحيوية ونشاط كبير ثم فجأة ومن غير توقع وعلى غير انتظار وبدون سابق إنذار وفي وقت لم أتوقعه يتوارى ذلك كله وأشعر بفتور يعرض لي ويملأ حياتي بالسأم والضجر، ولا أتم شيئا البتة ولا أبلغ به إلى غايتي ولا أصل إلى مقصدي ولا أدرك هدفي حتى في الأعمال اليومية الاعتيادية، فلا أنا نفذت رغباتي ولا أنا أنجزت طموحاتي ولا حتى قمت بواجباتي الأساسية بل وصل الأمر إلى أن صرت أعرض عن أي شيء يقيدني أو يحد من تصرفاتي أو يكون له بعض السيطرة علي وأنفر منه، وبمجرد أن أشعر ولو قليلا بأن هناك قيودا فإنني أكون غير مرتاح وأشعر بانزعاج وارتباك وتألم وحزن وتضجر ويعتريني من الهم ما يضيق به صدري؛ فهذه مشكلتي».

فأجابه: يعاني الكثير من الاستسلام للمشاعر السلبية وعدم التمكن من تحقيق ضبط النفس وعدم القدرة على الصبر ويجدون مشقة ويصادفون عناء في الوصول إلى الانضباط الذاتي، حيث يصيبهم الفتور وقلة الاهتمام ويشعرون بالكلل والوحشة والفراغ والتعب المعنوي وتستحوذ عليهم أفكار سلبية تكون موجودة لديهم عن أنفسهم أو تنشأ نتيجة لمواقف الآخرين وتصرفاتهم والتي تؤثر بشكل ملحوظ على حالتهم المزاجية والنفسية وتجعلهم يرفضون تحقيق الانضباط ويمتنعون عن قبوله ولا يقبلون الاستمرار به رغم ما يسببه لهم ذلك من أضرار وخسائر ومشكلات وما يلحقه بهم من أذى، وذلك قد يجعل الإنسان يشعر بطمأنينة وراحة لفترة قصيرة ولكن قد ينتهي به الحال ليكتشف أنه قد أصبح أمام خيارين أحدهما أن يبقي نفسه على هواها وما ترغب فيه وما يتفق والمزاج وبالتالي عدم التمكن من تحقيق أي نجاح وعدم استطاعته الحصول على نتيجة توقعه وعدم المقدرة على الظفر بالمراد، والآخر ضبط نفسه والتحكم بها لتحقيق ما هو أجدى وبلوغ ما هو أحسن وإدراك ما هو أنفع.

بلوغ الهدف في تحقيق مهارة الانضباط الذاتي والذي يعني القدرة على القيام بالأعمال المعتاد عليها مهما كانت الحالة النفسية التي يعيشها الفرد والظروف المتواجدة حوله وذلك من أجل مواصلة العمل على الهدف المقصود والتركيز للبعد عن الأفكار السلبية وفهم الإنسان وإدراكه لاحتياجاته ووعيه بذاته تعتبر – في الحقيقة – من أصعب المهارات التي يمكن للبشر اكتسابها وتطويرها والالتزام التام بالأهداف المرسومة والثبات عليها والمداومة وعدم الانفكاك عنها.

النجاح يتطلب امتلاك الطاقة والقدرة الذاتية والصلابة والرسوخ وثبات الإرادة للعمل أو الحصول على كل ما يتمناه الإنسان ويرغب في تحقيقه؛ ولكن لابد أن يعرف مواهبه التي تؤهله للإنجاز المرتفع وقدراته الخاصة وإمكانياته في ممارسة مهنة ما وتنفيذ المهام؛ فإدراك القدرات ومعرفة المهارات والاطلاع على الخبرات التي يجب أن يحصل عليها من الأمور ذات الأهمية البالغة والتي هي بالتأكيد تأتي من خلال التعلم والممارسة والتمرين المستمرين، وأن يدرك أن اليوم الذي يعيشه كما يجب يجعل الماضي حلما من الارتياح والشعور بالسرور والرضا والقناعة كما يجعل المستقبل رؤية من التفاؤل والأمل والتمني.