عبدالله العولقي

لماذا فشل فيلم نابليون؟

الثلاثاء - 16 يناير 2024

Tue - 16 Jan 2024

على الرغم من الميزانية الضخمة التي رصدت لفيلم نابليون إلا أن النقاد السينمائيين ومتذوقي أفلام السيرة الذاتية قد تفاجؤوا بفشل الفيلم عن تحقيق تقييم عال لدى المشاهدين رغم الأسماء اللامعة وفي مقدمتهم خوان فينيكس الذي أدى دور الإمبراطور الفرنسي نابليون.

ربما حاول مخرج الفيلم ريدلي سكوت أن يتناول شخصية نابليون النفسية ويفسرها من خلال شخصيتين متناقضتين إلى درجة بعيدة، الشخصية الأولى هي شخصية القائد القوي والمحارب العسكري الدموي والذي راح ضحية مغامراته الحربية أكثر من ثلاثة ملايين شخص، والشخصية الثانية هي شخصية العاشق الضعيف والزوج الهائم بحبيبته رغم انحرافاتها، ومن باب الإنصاف فقد أبدع المخرج سكوت في تصوير الشخصية الأولى كونه يتمتع بخبرة عريقة في تصوير المعارك الحربية وإجادة استعمال الكاميرات التصويرية من زوايا متعددة وبذكاء حصيف لا سيما إخراجه لمعركة أوسترليتز ضد القوات الروسية عام 1805م، وكيف استطاع نابليون بحنكته العسكرية استدراج الجيش الروسي إلى البحيرة الجليدية ومن ثم تدمير البحيرة بالمدفعية التي يجيد نابليون إدارتها بمهارة بارعة، هذا المشهد الإبداعي المثير بصورة خيالية فريدة يؤكد على مدى إبداعية المخرج سكوت في تصوير الأفلام الحربية ومشاهد المعارك العسكرية، وهنا يأتي سؤال العنوان، لماذا فشل الفيلم؟، أغلب من علقوا على فشل الفيلم رؤوا أن الشخصية الثانية لنابليون العاشق قد أظهرت ارتباكا في الفيلم إلى درجة كبيرة، فهل أخفق المؤلف ديفيد سكاريا في إعطاء الروح السينمائية لشخصية نابليون العاشقة مثلما منحها في شخصيته العسكرية؟.

تعد أفلام السير الذاتية من أهم منتجات هوليود السينمائية وتحظى باهتمام فريد، وينظر لها عالميا بصورة دقيقة تختلف عن رؤيتها للمنتجات الأخرى، كونها منتجا تاريخيا وذات علاقة بشخصيات مهمة لعبت أدوارا في مجريات التاريخ البشري، ومن هنا جاء الهجوم الجماهيري العنيف على الفيلم، ولعل البعض قد ركز هجومه على مشهد قصف نابليون لأهرامات الجيزة أثناء تواجده في مصر على الرغم من أنها رواية ملفقة ولم تثبت كحقيقة تاريخية لدى ثقات المؤرخين، وعلى الرغم من ذلك أصر المخرج على تثبيت هذا الخطأ التاريخي في فيلمه!!، كما أن العديد من المهتمين بالتاريخ يؤكدون أن شخصية نابليون عصبية إلى درجة متهورة، وكان يعاني من فرط الحركة والنشاط المستمر، ومع هذا جاءت شخصيته هادئة وكسولة من خلال أحداث الفيلم!!، أيضا شخصية الزوجة جوزفين والتي أدت دورها الممثلة فانيسا كيربي كانت دون مقومات حقيقية تعكس روح الشخصية في الفيلم.

قبل عدة أشهر عرضت هوليود فيلما يتحدث عن عالم الفيزياء النووية الأمريكي أوبنهايمر، وقد حقق الفيلم نجاحا باهرا في أيام عرضه الأولى، كما نال الفيلم استحسان أغلب النقاد كون المخرج كريستوفر نولان هو كاتب النص أيضا، وقد أجاد نولان باحترافية مدهشة صناعة صعود شخصية البطل من خلال أحداث الفيلم، وهذا ما لم نره على الإطلاق في شخصية نابليون، فهل أثرت منهجية الكتابة والسيناريو على نجاح أوبنهايمر وفشل نابليون؟.

في الختام.. العالم على صفيح ساخن، أرهقته مشاهد العنف والدماء، ولا يحتاج إلى شخصيات دموية ننبش سيرتها من صفحات التاريخ في هذا التوقيت.. العالم بحاجة إلى رسائل تذكره بالأمن والسلام.

albakry1814@