«لم يكن العرب إلا سعاة بريد في نقل الحضارة»!!
الاثنين - 15 يناير 2024
Mon - 15 Jan 2024
هذه العبارة أوردتها مستنكرة «زيغريد هونكه» في مقدمة كتابها «شمس العرب تشرق على الغرب»، وتقول ليس صحيحا أن العرب لم يكونوا سوى سعاة بريد، نقلوا الحضارة إلى الغرب ثم عددت الريادة العربية بالعلوم بل بعض العلوم والكتب العربية كانت تدرس قبل 300 سنة في الجامعات الغربية، ثم تنهي مقدمتها وأسباب ودواعي كتابتها للكتاب بهذه الجملة اللطيفة في حق العرب والجامعة المانعة «لهذا صممتُ على كتابة هذا المؤلف، وأردت أن أكرم العبقرية العربية وأن أتيح لمواطنيّ فرصة العود إلى تكريمها، كما أردت أن أقدم الشكر للعرب على فضلهم، الذي حرمهم من سماعه طويلا تعصب ديني أعمى، أو جهل أحمق...» انتهى كلامها.
في هذا المقدمة، ومن ثم الكتاب؛ يلخص فضل الحضارة العربية على الغرب، وربما يكون من سخف الكلام أن نكتفي بهذا الفضل وسماع الحديث عنه ثم ننام عليه ونعده من أفضالنا لينتهي دورنا في هذه الحياة، ربما نهدف أن يكون هذا التاريخ ملهما، وإدارة للحماسة فينا، وأرضية صلبة ننطلق منها للعالمية مرة أخرى ونكرر ما فعله أسلفنا، عدا ذلك ليس سوى نياح ثكلى يضر ولا ينفع.
وليس هذا بيت القصيد، وإنما ثمة من ردد هذه المقولة من المثقفين العرب وربما من الرواد ترديدا لكلام الغرب أو إيمانا من بعضهم بأن تجاهل الغرب للحضارة الإسلامية يعني أنها حقيقة، وأنه لا شيء فيها يذكر ليتلى على الناس، والحقيقة أن الصراع العربي/ الإسلامي من جهة والغرب من جهة أخرى خلف آثارا لا تزال في الغرب والشرق، فأما الغرب فبدأت أدواته في هذه الآثار في الغزو والاستعمار وسرقة الثروات وانتهى بتجاهل أثر الحضارة العربية؛ لأنها حضارة ندية فكيف يحفظ للحضارة الإسلامية حقها والفتوحات الإسلامية وصلت إلى حدود فيينا ولامست جنوب باريس سوى 100 كيلو من المترات في عمق أوروبا وكادت – بل هددت – باحتمال تمددها إلى نهاية القارة أن تلتقي الفتوحات من الأندلس نحو القسطنطينية كما تذكر كتب الفتح الإسلامي، ومعروف أن الأنداد يظلم بعضهم بعضا وهو ما جرى من الغرب تماما تجاه الحضارة العربية، فالحقد الديني (كما تشير الكاتبة) السابق ورث تجاهلا للحضارة العربية، والجهل اللاحق ورث إيمانا بما قيل، حتى أن كثيرا من الفلاسفة لا يذكرون العرب أصلا وإنما يشيرون للترك بدلا من العرب!
الأمثلة في هذا لا تتوقف عند حد، فهم في شرحهم لتاريخ الحضارة يقفزون أكثر من ألف عام من الحضارة الإسلامية ليطبعوا قرونهم الوسطى على العالم كله وكأن العالم كله كان يعيش في قرون وسطى، والحقيقة أنه في وقت كانت أوروبا ترزح تحت جهل مظلم وتاريخ لا يذكر وحضارة منطمسة أو تكاد، كانت تزدهر الحضارة العربية حتى نهاية الحادي عشر الميلادي وبداية النهاية للازدهار العربي.
نتفهم جدا أن ينكر الأوروبي هذا التاريخ، فهو كما قالت زيغريد، إما متعصب ديني أعمى، يظن أن صراعه الديني مع الإسلام يتطلب منه الظلم والإنكار في فضل الحضارة العربية على أوروبا، وأن من واجبات الدين لديه وكمال تعصبه لدينه ولوازمه ألا يقول الحقيقة بل ينكرون أن كثيرا من النظريات الفلسفية تحمل ثمة تشابها غير مسبوق مع نظريات وفرضيات إسلامية سابقة أطلقها علماء الإسلام والعرب قبل الحضارة الغربية بعدة سنوات، أما السبب الآخر الذي أوردته وهو جهل أحمق، فسهل على الجاهل أن يردد بحمق ما يقوله غيره من أن لا فضل للحضارة العربية على الحضارة الغربية.
وحتى نكون منصفين، أيضا نحن نقول بأن الحضارة العربية استفادت وأثناء فتوحاتها المتنوعة المختلفة من الحضارات الأخرى ودمجتها في الثقافة العربية والإسلامية وصهرتها وأخرجت حضارة عربية فريدة في شكلها ونوعها وأهدافها وغايتها وأنتجت الثقافة العربية، ولا نقول عن الحضارة العربية أنها معجزة وليس لها مثيل أو سابق أو أنها لا تكمل غيرها من الحضارات كما يقوله الغرب عن الثقافة اليونانية بأنها المعجزة اليونانية، وعندما يستطيل الشرح عن هذه العبارة يقولون إن اليونان لم يأخذوا علومهم من أحد بل نشأت لديهم خلقا وإبداعا، وهذا لا يتفق مع أبجديات المنطق اليوناني نفسه الذي لا يقول باستحداث أي شيء من العدم، بل كان بعضهم يكمل مسيرة بعض.
Halemalbaarrak@
في هذا المقدمة، ومن ثم الكتاب؛ يلخص فضل الحضارة العربية على الغرب، وربما يكون من سخف الكلام أن نكتفي بهذا الفضل وسماع الحديث عنه ثم ننام عليه ونعده من أفضالنا لينتهي دورنا في هذه الحياة، ربما نهدف أن يكون هذا التاريخ ملهما، وإدارة للحماسة فينا، وأرضية صلبة ننطلق منها للعالمية مرة أخرى ونكرر ما فعله أسلفنا، عدا ذلك ليس سوى نياح ثكلى يضر ولا ينفع.
وليس هذا بيت القصيد، وإنما ثمة من ردد هذه المقولة من المثقفين العرب وربما من الرواد ترديدا لكلام الغرب أو إيمانا من بعضهم بأن تجاهل الغرب للحضارة الإسلامية يعني أنها حقيقة، وأنه لا شيء فيها يذكر ليتلى على الناس، والحقيقة أن الصراع العربي/ الإسلامي من جهة والغرب من جهة أخرى خلف آثارا لا تزال في الغرب والشرق، فأما الغرب فبدأت أدواته في هذه الآثار في الغزو والاستعمار وسرقة الثروات وانتهى بتجاهل أثر الحضارة العربية؛ لأنها حضارة ندية فكيف يحفظ للحضارة الإسلامية حقها والفتوحات الإسلامية وصلت إلى حدود فيينا ولامست جنوب باريس سوى 100 كيلو من المترات في عمق أوروبا وكادت – بل هددت – باحتمال تمددها إلى نهاية القارة أن تلتقي الفتوحات من الأندلس نحو القسطنطينية كما تذكر كتب الفتح الإسلامي، ومعروف أن الأنداد يظلم بعضهم بعضا وهو ما جرى من الغرب تماما تجاه الحضارة العربية، فالحقد الديني (كما تشير الكاتبة) السابق ورث تجاهلا للحضارة العربية، والجهل اللاحق ورث إيمانا بما قيل، حتى أن كثيرا من الفلاسفة لا يذكرون العرب أصلا وإنما يشيرون للترك بدلا من العرب!
الأمثلة في هذا لا تتوقف عند حد، فهم في شرحهم لتاريخ الحضارة يقفزون أكثر من ألف عام من الحضارة الإسلامية ليطبعوا قرونهم الوسطى على العالم كله وكأن العالم كله كان يعيش في قرون وسطى، والحقيقة أنه في وقت كانت أوروبا ترزح تحت جهل مظلم وتاريخ لا يذكر وحضارة منطمسة أو تكاد، كانت تزدهر الحضارة العربية حتى نهاية الحادي عشر الميلادي وبداية النهاية للازدهار العربي.
نتفهم جدا أن ينكر الأوروبي هذا التاريخ، فهو كما قالت زيغريد، إما متعصب ديني أعمى، يظن أن صراعه الديني مع الإسلام يتطلب منه الظلم والإنكار في فضل الحضارة العربية على أوروبا، وأن من واجبات الدين لديه وكمال تعصبه لدينه ولوازمه ألا يقول الحقيقة بل ينكرون أن كثيرا من النظريات الفلسفية تحمل ثمة تشابها غير مسبوق مع نظريات وفرضيات إسلامية سابقة أطلقها علماء الإسلام والعرب قبل الحضارة الغربية بعدة سنوات، أما السبب الآخر الذي أوردته وهو جهل أحمق، فسهل على الجاهل أن يردد بحمق ما يقوله غيره من أن لا فضل للحضارة العربية على الحضارة الغربية.
وحتى نكون منصفين، أيضا نحن نقول بأن الحضارة العربية استفادت وأثناء فتوحاتها المتنوعة المختلفة من الحضارات الأخرى ودمجتها في الثقافة العربية والإسلامية وصهرتها وأخرجت حضارة عربية فريدة في شكلها ونوعها وأهدافها وغايتها وأنتجت الثقافة العربية، ولا نقول عن الحضارة العربية أنها معجزة وليس لها مثيل أو سابق أو أنها لا تكمل غيرها من الحضارات كما يقوله الغرب عن الثقافة اليونانية بأنها المعجزة اليونانية، وعندما يستطيل الشرح عن هذه العبارة يقولون إن اليونان لم يأخذوا علومهم من أحد بل نشأت لديهم خلقا وإبداعا، وهذا لا يتفق مع أبجديات المنطق اليوناني نفسه الذي لا يقول باستحداث أي شيء من العدم، بل كان بعضهم يكمل مسيرة بعض.
Halemalbaarrak@