عبدالله قاسم العنزي

جريمة التهجير القسري

الاحد - 14 يناير 2024

Sun - 14 Jan 2024

عايش العالم وقائع شهدت عمليات تهجير قسرية والتي أثرت بشكل مباشر على الطبيعة الديموغرافية للدول، والسوابق التاريخية كثيرة بهذا الصدد كما وقع في الحربين العالميتين، وما حدث في فلسطين إبان بداية الاحتلال الإسرائيلي لدولة فلسطين والتي لا يزال الصهاينة يسعون جاهدين إلى تنفيذ مخططهم، وهو ما صرح به رئيس دولة فلسطين محمود عباس هذه الأيام بأن إسرائيل تريد تهجيرهم من أرضهم!

إن البشر عمروا الأرض وذلك قبل وجود الدولة في مفهومها الحديث، وارتبط وجود الأرض ارتباطا وثيقا بالإنسان من حيث التملك والإحياء والإعمار، ومن هذه العادة المطردة توسع مفهوم التملك وإيجاد الدولة الحديثة التي أصبحت أهم معالم المجتمع الدولي الحديث.

لا يزال الكيان الصهيوني مصرا على قتل الأبرياء وإهلاك الحرث والنسل، دون مراعاة لأعراف دولية أو إنسانية، مكابرا في اختراقه للقانون الدولي غير آبه بالمجتمعات الإنسانية أو ما جاءت به الديانات السماوية.

القضية الفلسطينية حاضرة في اهتمام المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا منذ عهد الملك عبدالعزيز – رحمه الله – ولا تزال السعودية تمد الشعب الفلسطيني بكل صور المساعدات الإنسانية والسياسية ومحاولتها الضغط على المجتمع الدولي لإنهاء مجزرة وقتل وتشريد الشعب الفلسطيني الذي بدأ في نهاية العام الماضي مستمرة ودعمها اللامحدود لا يزال تمثله للعيان سرب الطائرات الإغاثية الذي لم ينقطع.

إن الهدف من وراء التهجير القسري للشعب الفلسطيني هو هدف استراتيجي لدولة الاحتلال، حيث يعتبر الشعب أهم المكونات الرئيسة للدولة، إذ لا يمكن أن نتصور قيام دولة من دون شعب، وحينما تفرغ دولة فلسطين من الشعب فإنه ستزول معه دولة تسمى فلسطين، وهذه النتيجة التي يسعى لها الكيان المحتل لشرعنة احتلاله واغتصابه لأرض عربية وهو من أسباب عدم استقرار المنطقة بين إسرائيل والدول العربية.

إن جريمة التهجير للشعب الفلسطيني لا يمكن أن تتحقق دون ارتكاب الجرائم البشعة في المدنيين والتي هي مجرمة وفق قواعد القانون الدولي سواء بصورته الاتفاقية أو العرفية، حيث إن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي يعد خرقا لجملة من الحقوق المكفولة للإنسان والمحمية بموجب مواثيق دولية، ولكن يبقى السؤال حائرا بين السطور ما الذي يدفع الولايات المتحدة الأمريكية من تغليب مصلحة دولة الاحتلال وحمايتها على تغليب المصلحة العامة للمجتمع الدولي في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وبين المصلحة الخاصة والمنكرة عرفا وقانونا لدولة الاحتلال؟

بالتأكيد إن الغرب وضع هذا الخنجر في خاصرة الدول العربية ليقوم بالمساومات والابتزاز السياسي ومحاولة المقامرة على تصفية القضية بالسلام الدائم الذي أصبح باهتا في عقول شعوب العالم!

إن السلوك الهمجي الذي تقوم به إسرائيل الغرض منه زرع الخوف والرعب وجعل الشعب الفلسطيني المحتل في حالة ترقب مستمر حتى يتولد لديه شعور في كونه مستهدفا وأن وقوفه صامدا في أرضه يعد خطرا جديا على حياته؛ لذا يكون الحل الهجرة وترك الأرض وعدم السكن والتيه الذي ينثر بقايا الأبرياء بين دول العالم، هي تقصد ذلك دون مرية أو تشكيك بسلوكها الهمجي وغير الإنساني.

إن العالم الغربي لا يقف مكتوف الأيدي بقدر ما هو متضامن مع دولة الاحتلال؛ ليلطخ دعايته المكذوبة في حقوق الإنسان بدم الأبرياء من الشعب الفلسطيني (كيف لا؟!) وهم يمدونهم بالأسلحة والدعم السياسي المستمر مع معارضة بعض شعوبهم الأحرار الذين لا يريدون نشر الكراهية والنزاع في المجتمعات الإنسانية.

expert_55@