بسام فتيني

قصص إنسانية في الموارد البشرية

الاحد - 14 يناير 2024

Sun - 14 Jan 2024

الإدارة فن، وفن إدارة البشر من أصعب الفنون، وتختلف المدارس في وجهات النظر المهنية في التعامل مع بعض المواقف الإدارية كما يحدث عادة بين مدرسة التحفيز الإيجابي والتهديد التحفيزي!

أما التحفيز الإيجابي فأغلب الموظفين مبرمجون عليه فيكفي مثلا أن يقول المدير للموظف إنك لو حققت مستهدفاتك بلغة الأرقام فستكون مكافأتك لهذا العام (بونص) 3 رواتب!

وهذا التحفيز سيجعل حماسة الموظف في أوج إشعاعها حتى يحقق الهدف، لكن هناك مدرسة أخرى تقول إن التهديد قد يؤتى به نتائج ممتازة مع فئة أخرى من الموظفين!

كأن يقول المدير للموظف (في حال عدم تحقيق مستهدفاتك سيتم إنهاء خدماتك)! فبعض الموظفين في هذه الحالة يتحول هذا التحفيز السلبي لهم كدافع حقيقي لتحقيق الإنجازات!

فسبحان الله ما أعجب وأعقد أمزجة البشر واختلافاتهم.

لكن تبقى الإنسانية في فن إدارة الموارد البشرية هي الأجمل والأبقى والأفضل، وهناك قصص كثيرة قد يحضر فيها نص القانون ومواده وبنوده، لكن تختفي (روح) القانون فتتحول القرارات الإدارية إلى معاول هدم قد تؤثر على أسرة الموظف كاملة، وللتاريخ سأذكر لكم قصة حقيقية حيث يقول الراوي: موقف لن أنساه.. عرض عليّ قرار للتوقيع بفصل موظف يوم 23 رمضان، من قسم المتابعة، فقلت احفظ المعاملة، فنحن في أيام فضيلة وعلى وجه العيد، لا نكدر أسرته، واعرضوها يوم 6 شوال لنراجعها ثانية.

حضر مدير الإدارة يوم 6 شوال وقال: توفى الله الموظف ثالث أيام العيد! انتهت القصة.

هذه القصة حقيقية وبطل القصة هو الدكتور خالد السميري مدير الشؤون الصحية وعضو مجلس المنطقة (منطقة مكة المكرمة سابقا) والذي قال مرة حين طلب منه النصح فقال (نصيحة لكل إنسان تسنم موقعا قياديا، لا تظلم وتوخى العدل في كل أعمالك، فالظلم سهل والعدل صعب وتذكر بأن الثقة تبني والشك يهدم).

مثل هذه العقليات الإدارية حين تؤسس لمفهوم فن التعامل مع رأس المال البشري ستتحول بيئة العمل إلى معمل حقيقي لصنع الخبرات، وهذه الشعرة بين الحزم وأنسنة التعامل وهو جوهر ومحور فكرتي التي أحاول إيصالها، فقد ابتلينا ببعض العقليات التي تعتقد أن الموارد البشرية هي فن قصقصة الرواتب وهواية خصم ما يمكن من الموظف للظهور بمظهر البطل أمام ملاك الكيان حين يكون قطاعا خاصا، ومع ذلك سيبقى المدير الإنسان هو الموفق بإذن الله فدعوات من حوله بالتوفيق هي وقود نجاحه، أما المتزمتون بحجة المهنية فالله وحده من يتكفل بهم.

أختم بعبارة سمعتها مرة من وزير سابق حيث قال: «حين نترجل من كرسي الإدارة، تبقى السمعة الطيبة متربعة إن أحسنا صنعها قبل الرحيل».

bassam_fatiny @