عبدالعزيز المزيد

الميزان الاقتصادي بين المرونة والتشديد في السياسات النقدية

الاحد - 14 يناير 2024

Sun - 14 Jan 2024

المتابع المهتم بالاستثمارات مع تجديدات أو تغيير إجراءات السياسات النقدية، سيجد أن هناك نموذجين أمامه إما المرونة أو التشديد في تلك السياسات النقدية التي يحددها البنك المركزي الخاص بكل دولة.

كما يعلم الكثير أن هناك فرقا واضحا بين المرونة، والتشديد بالسياسات النقدية، وكيف يؤثر كلاهما على الاقتصاد بطريقة مختلفة.

لنرى معا التأثير الناتج عن المرونة والتشديد بالسياسة النقدية على الاستثمارات ومعرفة أي منهم سيعود بالإيجاب على الاستثمارات:

أولا: المرونة في السياسة النقدية هي إجراءات وقرارات البنك المركزي الخاصة بضبط معدلات الفائدة وتنظيم الأسواق المالية وتحديد السيولة الموجودة في الاقتصاد، ولكن إن حدث تعثر يتم خفض نسبة الفائدة وبالتالي سيزيد ذلك من الاستهلاك، والاستثمارات، وهذا ما يسعى إليه المستثمر وهو خفض نسبة الفائدة؛ لذلك فإن التفكير في أخذ قرض لن يدوم طويلا بسبب قلة الفائدة عليه؛ لأن المستثمر في الأساس يسعى إلى تقليل تكاليف الاستثمار بمشروعه أو فكرته وبالتالي سيحصل على أكبر قدر ممكن من العوائد.

يتم رفع الفائدة في حالة واحدة وهي عند زيادة نسبة التضخم وذلك للسيطرة عليه. وفي ظل التغيرات الاقتصادية في عالمنا يذهب البنك المركزي إلى المرونة بسبب فعاليتها في استقرار الاقتصاد وتحقيق أهداف الاقتصاد الأساسية من استقرار الأسعار وتعزيز النمو الشامل بمرونة.

ثانيا: التشديد في السياسة النقدية يمكن القول أنه عكس المرونة، حيث يتجه البنك المركزي إلى رفع معدلات الفائدة وتقليل السيولة المتداولة بالاقتصاد.

وعند رفع معدلات الفائدة لن يقبل المستثمر على أخذ القروض لبدء مشروعه وذلك بسبب ارتفاع نسبة التكاليف على المشروع الخاص به.

وبالتالي ستقل الاستثمارات بالدولة مما يؤدي إلى تباطؤ في نمو الاقتصاد وقلة فرص العمل مسببه معا زيادة في نسبة البطالة، ولكن عند زيادة معدلات التضخم هنا يمكن القول إن التشديد سيكون أمرا جيدا للسيطرة عليها والحد من التضخم. حيث سيلجأ معظم الأفراد، والشركات إلى التوفير وعدم الإنفاق للحصول على عوائد أكثر.

يمكن للتضخم التسبب في تباطؤ نمو الاقتصاد عند المحاولة للحد منه وذلك بسبب تأثير رفع معدلات الفائدة بالسلب على الاستثمارات.

بنوك الخليج المركزية والبنك المركزي المصري قد أعلنوا عن تشديد السياسة النقدية في 2023 حيث نجد اختلافات في معدلات التضخم بتلك الدول لنجد أن نسبة التضخم في شهر نوفمبر من العام الماضي بالسعودية وصلت إلى 1.7% وفي الكويت 3.8% أما مصر تصل نسبة التضخم بها إلى 35.9%!

السؤال هنا هل سيستمر تشديد السياسة النقدية لمدة سنة أم أكثر لحل مشكلة التضخم؟

أخيرا، أن سياسات المرونة والتشديد في السياسة النقدية تلعبان دورا حاسما في توجيه الاستثمارات وتأثيرها على الاقتصاد.

والمرونة تزيد من فرص الاستثمار بسبب توافر تكاليف الاقتراض المنخفضة، مما يشجع المستثمرين على التوسع وبناء مشاريع جديدة ومبتكرة.

على الجانب الآخر، التشديد يقلل من الاستثمارات بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي ويزيد من الاحتياط في الصرف.


aziz_h_almzyad@