فقط .. الدخول لأصحاب العقول
الأربعاء - 10 يناير 2024
Wed - 10 Jan 2024
في البداية، أود التنويه بأن المقال موجه لأصحاب عقول التفكير الناقد.
كثيرا ما أساجل ذاتي وأجادل نفسي حول ما يسمى بالتفكير الناقد في مختلف الأمور التي أواجهها وتواجهني، وأخرج بنتيجة مفادها بأن خالقنا ومبدعنا لم يوجدنا عابثين ولم يتركنا تائهين، وبين هذه وتلك تكمن قصص حياتنا التي تتطلب منا استحضارا للعقل المتسائل إيجادا للحل الأمثل.
ما النزعة الشكية للتأكيدات المعرفية؟.
الشك نزعة نفس فكرية أساسها نفسي يحرك العقل، فالحيرة وعدم الارتياح يقودان للبحث عن الحقيقة، وتجعلنا أكثر نضجا وفهما وإدراكا للربط بين الأحداث لإيجاد العلاقات السببية.
بالمقابل، يتم التحجيم والتضييق لفجوة التحجر الفكري والتزمت الأوحد في طرح الآراء، لأن الشك من مهامه الأساسية تنوير الإنسان، وإشعال المصباح على خارطة الطريق للمكان والزمان الذي يحتاجه البشر، لتطمئن قلوبهم وتستقر مشاعرهم، ويكف لديهم ظمأ الفكر ويروي عطشه.
الشك أساس المعرفة، وهو اللبنة الأولى لبناء المفاهيم البشرية حتى تتسق وتتواءم مع العقلية المتميزة في تساؤلاتها الاستنباطية، للوصول إلى الحقائق والمنتجات الإنسانية، وفي أصل تكوين النفس البشرية الواعية نشوء الريبة، وهو أمر صحي وطبيعي يثير الجدلية لتتكشف الحقيقة، فيطمئن القلب وتحط رحال الشك على أرض الاستقرار.
من هذا المنطلق، يأمرنا القدير في كتابه للجوء إلى آلية التفكير في آيات عدة خلال عدد من التساؤلات: «أفلا تتفكرون»، و«أفلا تعقلون»، و«أفلا تبصرون». وهذه جميعها مفاتيح البحث العلمي والمعرفي الموصلة إلى عظمة الخالق المبدع في تنظيم الكون، وكيفية تسيير الحياة ومعرفة منظومة النفس والجسد البشري، لتحقيق فلسفة الاستخلاف وإعمار الأرض.
التفكير الناقد يحتاج إلى فلسفة الإثبات للثبات، حتى نصل إلى الجانب الإبداعي في الوصول إلى الحلول.
وحينما تساءل نبي الله إبراهيم في الآية 260 بسورة البقرة: «وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي».
إبراهيم عليه السلام كان نبيا مرسلا مؤمنا حقا، ولكن الشك البشري الفطري في تفكيره الناقد جعله يتساءل ليصل إلى أعلى مراتب الإيمان بالاطمئنان.
يقول الفيلسوف رينيه ديكارت «الشك أساس الحكمة»، و«أنا أفكر إذن أنا موجود».
أرى أن المؤسسة الوالدية منذ المراحل الأولية في تربية الأب والأم في المنزل يتم تبني منهجية استقلالية الفكر والرأي، واللجوء إلى الحجج والبراهين، ومحاولة بناء الحوارات التبادلية، وفتح النقاشات وعدم الفرض، والبعد عن الترهيب وافتراض مفاتيح خماسية التساؤلات: «ماذا؟ لماذا؟ كيف؟ متى؟ أين؟، يؤسس عند النشء الجديد ملامح التفكير الناقد، إضافة إلى دور المؤسسة التعليمية، المعلم والمعلمة في تكوين فرق حوارية ومجموعات نقاشية، يساعد كثيرا على إيجاد المشاركة والنقل المعرفي بين الطلاب، بالتالي الاستعداد المستقبلي لبناء الثقة التي تجعل منهم متسائلين ومنتجين بمشيئة القوي المتين.
Yos123Omar@