أحمد الهلالي

مكاتب الخدمات والأمن المعلوماتي!

الاثنين - 08 يناير 2024

Mon - 08 Jan 2024


لقد بات التحول الرقمي فرضا على الجميع، سواء أكان ملما بالتقنية أم جاهلا بها، فلا مناص من إنجاز تعاملاته عن طريقها، فإن لم يكن عليما بها؛ فيتحتم على المحيطين به من أقرباء وأصدقاء أن ينجزوا تعاملاته بشتى أنواعها، لكن الأمر المهم الذي أنشأتُ من أجله هذه المقالة إن كان هو والمحيطون به غير ملمين بالتقنية ولا يجيدون التعامل بها، كبعض كبار السن والوافدين.

ينتشر عدد كبير من مكاتب الخدمات، بعضها مستقلة وبعضها ملحقة بمكتبات (قرطاسية) أو محلات صيانة الحاسب الآلي، وغيرها، يعمل فيها سعوديون وغير سعوديين، ويتوافد إليها كبار السن من الرجال والنساء، والعمال، وحتى من الشباب، ممن تتطلب تعاملاتهم تحديث بياناتهم، أو الحصول على خدمات الكترونية، فيطلع العاملون في المكاتب على معلومات سرية كالبيانات الشخصية، والأرقام السرية، والحسابات البنكية، وما يتعلق بالأسرة، والممتلكات وغيرها، وهذه بيانات شديدة الحساسية لا يجب أن يطلع على بعضها إلا المرخص لهم في الجهات الرسمية أو الشركات وفق آليات محددة.

إن كثيرا منا اليوم تصله رسائل واتصالات انتحال عبر التقنية، يدهشك المتصل بدقة المعلومات التي تجعل العميل يجزم أن الجهة الفعلية هي المتصل، فلا أحد يعلم بتلك المعلومات السرية غيرها، لكنه يكتشف أن المتصل ينتحل شخصية تلك الجهة، بعضها للبنوك وبعضها للبريد، وبعضها لشركات التوصيل، وغير ذلك، وربما لا ينتبه إلا بعد حدوث الكارثة، ولا ريب أن هناك من يسرب معلومات المستفيدين.

لا أتهم مكاتب الخدمات مطلقا، لكن في رأيي إنها ثغرة يجب تأمينها، فإن لم تكن مرخصة فيجب أن تحصل على الترخيص أو تغلق، وإن كانت مرخصة، فيتحتم إلزامها بتسجيل حساب لدى كل الجهات التي تخدم المستفيدين من خلالها، وإلزامها بأن تقدم خدماتها من خلال حسابها، لكي يترك المكتب أثرا مرجعيا في المعاملة التي ينجزها للعميل من خلال حساب المكتب لدى الجهة يتضمن بيانات المكتب والموظف المسؤول، كيلا يترك الاطلاع على بيانات المستفيدين مشاعا دون حماية حقيقية تجعل المكتب والعاملين فيه يشعرون بمسؤوليتهم تجاه بيانات المستفيدين، وأن أي انتهاك لسرية تلك البيانات سيعرضهم للمساءلة القانونية، ثم تميز المكاتب المعتمدة بعلامة خاصة يثق بها المستفيد، ومن يذهب إلى مكاتب ليست مرخصة يتحمل مسؤولية تفريطه.

أدرك جيدا حرص جهات الأمن المعلوماتي على أمن بيانات المواطنين والمقيمين، وقد صنعوا قنوات الاعتماد المختلفة التي تجعل المعاملة الالكترونية لا تمر إلا عبر العميل الأساسي، وأعلم عنايتهم القصوى بموضوع الانتحال، لكننا في الوقت ذاته، نأمل أن تتضاعف جهود توعية المجتمع بكافة فئاته إلى أساليب المنتحلين، وكل ما يستجد من حيل، وما يقع فيه العملاء من أخطاء، وما يجب أن يتنبهوا إليه، والله خير حافظ.


ahmad_helali@