فهد محمد الأحمري

وزارة العدل بين الإنجازات والمعاناة

الاحد - 07 يناير 2024

Sun - 07 Jan 2024


إنجازات وزارة العدل غنية عن التعريف، فالكل شاهد على القفزات في التعاملات التقنية، غير أننا اليوم أمام معاناة يواجهها المتعاملون، وطرح مقترح لتلك المعاناة. يواجه كثير من المتعاملين معضلة تكمن في عبء توفير أرقام هوية الأطراف الأخرى في تعاملاتهم المتعددة، سواء كانت قضايا، وكالات، إرثا، وعقودا مختلفة، ومنها العقود السكنية.

فحين تريد رفع قضية أو توثيق عقد، فأنت مطالب برقم الهوية الوطنية للطرف الثاني المواطن، أو رقم هوية إقامة غير المواطن. والأمر لا يقتصر على رقم الهوية فحسب، بل يلزمك النظام بتوفير تاريخ ميلاده باليوم والشهر والسنة!.

وبعد محاولاتك الممكنة أو اليائسة في توفير البيانات بالطرق الودية والرسمية، فإنك ـ والحال يائسة ـ أمام خيارين أحلاهما «علقم»: إما أن تتحسب على المدعى عليه وتدعه وشأنه وهذه موجعة، ولا سيما حين تكون فاتورة المطالبة باهظة الثمن. والأمر الآخر، هو الاتصال به هاتفيا أو إرسال رسالة نصية أو «واتسابية» طالبا منه تزويدك ببياناته الشخصية (رقم الهوية وتاريخ الميلاد) لأجل رفع قضية ضده، وهذا أمر غير منطقي، بل وضرب من الجنون المضحك.
حتى في قضايا حصر الورثة، يتعين توفير بيانات جميع الأطراف، رغم أنه ليس دائما كل الورثة على وفاق، وقد يمتنعون عن تقديم بياناتهم لذويهم (أشقاء وشقيقات وإخوان وأخوات لأم وأب إلخ قائمة الورثة)، نكاية ببعضهم البعض، وتعطيلا لحقوقهم بسبب خلافات عائلية والشواهد كثيرة.

ومن هذه الشواهد، صديق هاتفني يطلب دعمه من أي جهة رسمية لتوفير بيانات أفراد من أسرته بطريق الاسم الثلاثي أو رقم الجوال لقضية حصر ورثة، بسبب عدم تجاوب الأطراف معه، وعدم تجاوبهم كذلك مع المصلحين!.

شخص آخر أجر منزله على مستأجر بعقد إيجار ورقي، وأراد توثيقه الكترونيا في نظام إيجار فلم يستطع، وذلك لأن لديه رقم هوية المستأجر دون تاريخ الميلاد، رافضا المستأجر التجاوب مع المالك، وحين أراد الأخير رفع قضية ضد المستأجر لدفع المستحقات أو إخلاء العقار، وقع في الأزمة ذاتها، وهي عبء توفير بيانات المدعى عليه (المستأجر) كاملة.

هذه الجزئية قد تخص الهيئة العامة للعقار، لكن يبدو أن الكيانات العامة والخاصة نهجت نهج وزارة العدل، على وجه التقريب.

هذه المعضلة تواجهك في كل مطالباتك الحقوقية، كما في النماذج السالفة الذكر، وكذلك الحقوق المالية وغيرها من القضايا التي لا حصر لها، وقد تضيع حقوق أو تتعطل أو تنشب مشادات لفظية أو جسدية بين المتنازعين، بسبب عدم توافر بيانات الهوية التي قد تجنبنا مواجهات الخصوم الشخصية، وتوجههم مباشرة للجهات العدلية والنظامية.

قد يقول قائل: ولماذا لم يتم تصوير هوية الطرف الآخر في عقود الدين أو الإيجار، وغيرها من الوثائق، وهنا تصطدم باللائحة التنفيذية لنظام الأحوال المدنية التي تنص على عدم مشروعية تصوير الهوية الوطنية تحديدا، وهذا قرار صائب من باب حماية البيانات الشخصية.

صحيح أن هناك قسما في المحكمة العامة مختص بمثل هذه المسألة، لكن آلية التعامل معها فيه مشقة، إذ يلزمك الحضور وتعبئة نموذج وتوفير مستندات معينة، ثم ترفع إلى لجنة من وزارتي العدل والداخلية للنظر في طلب توفير بيانات الأطراف الأخرى، وهنا تكمن المعاناة والتضييق على المستفيدين في مرحلة خطت بل قفزت فيها الوزارة مشكورة، قفزات تقنية هائلة يسرت على الناس شؤونهم.

وهنا مقترح لتسهيل هذه المسألة، وهو إدخال رقم جوال الطرف الآخر في نموذج المطالبة بدلا من بيانات الهوية، ذلك لأن كل أرقام الجوالات حاليا موثقة بهويات أصحابها، وهو أمر إلزامي على كل شركات الاتصالات، وبناء على رقم الجوال، يظهر الاسم الثلاثي للطرف الآخر على مسؤولية صاحب الطلب، الذي بالتأكيد يعرف رقم هاتف الشخص المطلوب، ويبقى الخيار الأول متاحا لمن يعرف بيانات الهوية.


fahadalahmary1@