نكبة الدراجات النارية في جدة
السبت - 06 يناير 2024
Sat - 06 Jan 2024
العالم المتقدم يصيح مروريا وأمنيا، ويعلن استنفاره للحفاظ على نظام حياة أجمل، في ظل حالة التعدي المستباحة الناتجة عن انتشار الدراجات النارية الخاصة بالعمالة أو التوصيل، ونحن في مدينة جدة، وبسماح من الجهات المعنية للأسف، ندلف تلك الحياة الفوضوية حتى لكأننا سنصبح في دولة آسيوية تعج بتلك الدراجات العبثية العشوائية، وهو ما بات يمثل عبئا خانقا على كل سكان المدينة، الذين يرجون أن تكون مدينتهم قطعة من أوروبا بنظامها وتخطيطها الحضري.
صارت ظاهرة مندوبي التوصيل عبر الدراجات النارية أو بتعبيرنا المحلي (الدَّباب) تمثل كابوسا يعيشه السائقون والسائقات يزيد من كابوس اختناق الطرق في عديد من الأحيان، حيث تتفلت الدراجات النارية من حولك يمينا ويسارا دون سابق إنذار، وفجأة يظهر خلفك لتراه في غمضة عين أمامك، وهكذا دواليك في حركة غير منتظمة تزيد من توتر كل أحد، لتكون سببا في تعدد الحوادث المفاجئة، وهو أمر لا يرجوه أحد لنفسه ولا لغيره.
على أن نكبتهم لا تتوقف عند استخدامهم الطريق، بل تتعدى إلى مساحات أماكن تجمعهم أمام المطاعم الشهيرة وغيرها، في مظهر يعكس حقيقة ما نحذر منه وهو التشوه البصري، إذ ما أسوأ أن ترى تلك (الدبابات) مركونة بجوار بعضها بطريقة عبثية، ومن حولها مجموعة من سائقيها الوافدين والذين باتوا يمثلون شللية عمالية، إذ غالبا ما تجدهم من جنسية واحدة، وهو ما يعكس خطورة أخرى في الجانب الاقتصادي بوجه عام.
على أن كل ذلك يهون حين الحديث عن خطورة انتشارهم أمنيا، فعوضا عن انتماء كل سائقي الدراجات لجنسيات وافدة معينة، والذين لو تحركوا بنية خبيثة لأمكنهم تقديم كشف بأحوال بيوتنا جُملة، ومن فيها، وكم فيها من الذكور والإناث، وغير ذلك مما تحتاجه النفوس الضعيفة التي سلكت دروب المعصية والإجرام، ناهيك عن خطورة أن يستخدم المجرمون دراجة نارية بذات المواصفات التسويقية التي لا تلفت الانتباه، ولا تثير الشك، بسبب كثرة انتشار تلك الدراجات في الطرقات والشوارع، ثم يعمد إلى تنفيذ عملية إجرامية بشكل سريع، ليروغ بعدها بسرعة البرق، ويختفي بين بقية الدراجات النارية المماثلة له، ودون أن يعرفه أحد، أو يستطيع أحد من المارة أن يحدد هوية مركبته، فهي في النهاية دراجة بذات المواصفات التسويقية الأخرى، وسائقها يلبس خوذة تغطي جميع وجهه فلا يمكن لأحد أن يراه.
حقا الأمر يستوجب أن ندق جرس الخطر، ومهم أن يصدر أمر بوقف انتشار هذه النكبة التي باتت تغطي مدينة جدة بأكملها، وأصبحت سبيلا للعمل غير الواضح قانونيا، فالأمر بسيط، حيث يتطلب أن تسجل في أحد تطبيقات طلبات التوصيل، التي تسلم الوافد دراجة نارية، ثم تفلته في الطرقات ليحقق الدخل المطلوب للشركة، والباقي له.
أشير إلى أن هذا الفعل قد حد أيضا من عمل شبابنا الذي كان يرجو رزق الله في وقت فراغه إن كان مرتبطا بعمل، أو يعمل في تطبيقات التوصيل بسيارته الخاصة حتى يجد له عملا مناسبا، فيستفيد ويفيد الشركة المشغلة؛ لكنه اليوم عاجز عن أن يكون جزءا من مافيات سوق التوصيل، التي تتحكم في السوق عبر جنسيات وافدة معينة، فهل يقبل مسؤول غيور بذلك؟
أخيرا لا يحتاج الأمر لعناء حتى يجد الوافد غايته، حيث وجدت أحد الإعلانات في أحد المواقع الإلكترونية على النحو التالي: (مطلوب سائقين دراجات نارية، توصيل طلبات مع نقل كفالة فوري في الرياض وجدة وجميع مناطق المملكة، يشترط إقامة سارية 3 أشهر على الأقل، أو تجدد على حساب السائق مقدما قبل النقل، راتب 4,500 ريال شهري مقابل هدف شهري 450 طلبا، وإذا حقق الموظف 550 طلبا شهريا يحصل على عمولة (1500) ريال، العمل: توصيل طلبات مطاعم عبر تطبيقات التوصيل، بواسطة (الدراجة النارية)، وإذا ما معك دراجة نارية، نوفر لك دراجة جديدة أقساط (850) ريالا شهريا تدفعها لمدة سنة، أرسل واتس أب: المدينة، المهنة، الجنسية، اسمك، العمر).
أرفق ذلك إلى من يهمه الأمر، مع التحية.
zash113@