أحمد بني قيس

«ذا لاين».. أسباب وأهداف

الأربعاء - 03 يناير 2024

Wed - 03 Jan 2024

إن من أبرز السمات العلمية والطبيعية التي أصبح عصرنا الراهن يعتبر توفرها ضرورة لا بد منها، سمات تتنوع بتنوع قدرة البشر على حسن التعامل معها وقدرتهم على توظيف وتطوير أبرز مناشطها كالذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات المستجدة التي من وظائفها الرئيسة المساعدة في تمكين الضوابط البيئية التي تحتاجها الحياة البشرية من التواجد بشكل فعال كي تضمن بقاءها واستمرارها لذا فرضت هذه الحاجة على الجميع الاقتناع بأهمية تعزيز قدراتهم التقنية والبيئية وتطويرها حتى يتمكنوا من علاج أي سلبيات يتعرضون لها وتكون متعلقة بأحد هذين الأمرين أو بكليهما معا.
وتتصدر قائمة هذه السلبيات كثافة الانبعاثات الكربونية التي يحرص الكثير من رجال الأعمال والمنتفعين منهم على بقاء حالها على ما هو عليه اليوم للاطمئنان على دوام واستمرار مصالحهم المختلفة وعدم تعرضها للضرر حتى لو ترتب على ذلك تهديد صريح ينال من صحة البشر وسلامتهم.

وهذا الواقع جعل القيادة السعودية ممثلة في سمو الأمير محمد بن سلمان ترى ضرورة سبر أغوار هذا المجال التقني والبيئي على حد سواء والاستفادة من إيجابياتهما الواعدة مجسدين ذلك عبر تبنيهم لفكرة طموحة وغير مسبوقة محليا وعالميا تتحدث عن القيام بإنشاء مدينة متكاملة من الصفر يكون محورها الرئيس التركيز على أمرين، الأول: احتواء أية أضرار بيئية قد تهمل جهلا بحجم خطرها أو تجاهلا له، والأمر الثاني: جعل التقنية بمختلف أنواعها ركيزة أساسية تمنح رواد وقاطني هذه المدينة ترف التمتع بإيجابياتها والاستفادة من وجودهم فيها.

ومن المهم في هذا السياق ذكر عدة نقاط أوردها سمو ولي العهد في إعلانه عن البدء في إنشاء هذه المدينة وعن التطلعات المتعلقة بها حين قال «على مدى العصور بنيت المدن من أجل حماية الإنسان بمساحات ضيقة وبعد الثورة الصناعية بنيت المدن لتضع الآلة والسيارة والمصنع قبل الإنسان» وتابع قائلا «نحن بحاجة إلى تجديد مفهوم المدن حتى يواكب تشييدها تشييد المدن المستقبلية التي أهم مزاياها أنها مدن ذات صفر انبعاثات كربونية ومدن خالية من السيارات والطرق».

ومن أجمل مميزات هذه المدينة الموعودة أنها ستصمم بطرق تقنية تستطيع التعامل مع كافة التحديات المختلفة التي تواجهها البشرية وهذا الهدف قاد السعوديين إلى استقطاب الكثير من القدرات والطاقات البشرية المشهود لها بالعلم والمعرفة والخبرة ومنحها حرية اتخاذ القرار المناسب تجاه كل ما قد يعرقل جهودها وأهدافها إضافة إلى عدم مطالبتها بضرورة التقيد بهيكلية معينة عند تصميم وتشييد البنى التحتية لهذه المدينة عدا تلك الداعية لجلب واستخدام أحدث ما توصل إليه العلم في هذا الشأن.

ومن المعالم المستجدة التي ستتمتع بها «ذا لاين» تركيزها على جعل «المشي» الوسيلة الوحيدة للتنقل داخل تلك المدينة، حيث لن يكون فيها مركبات أو طرق نهائيا تحقيقا لمطالب صحّية وبيئية، يضاف إلى ذلك جعل العيش في هذه المدينة يدور في فلك الطبيعة بمختلف تفاعلاتها ومظاهرها في دلالات واضحة تؤكد الاهتمام البالغ بجعل الطبيعة مكونا رئيسيا حاكما وضابطا لجميع مناشط الحياة في تلك المدينة وموفرا لجميع مقتضيات استدامتها وازدهارها.

وحرصا على عدم إهدار فرص كل من يهاجم بناء هكذا مشروع أن يعي بأن مصلحته العليا لا تملك إلا أن تكون جزءا من هذا المشروع إن أراد حقا تحسين مدخلاته وتطوير مخرجاته بدلا من أن يكون مجرد رقم لا قيمة له ولا خطر منه بعد أن أثبتت السعودية للجميع بأن كل من كان يراهن على قدرته في إحباط مساعي السعودية الرامية لتحسين جودة حياة شعبها وشعوب الإقليم إلا وكان الفشل الذريع مآله.

ختاما، إن السعودية تعيش نهضة غير مسبوقة بشهادة جميع المتابعين لإرهاصاتها الحضارية والتنموية الأمر الذي خلق عند شعبها مناخ يسوده التفاؤل والثقة في قدرات وإمكانات قادتهم بالإضافة إلى تمسكهم بيقين تام يقول بأن هذه الخطوة ليست سوى بداية لخطوات أخرى واعدة ومبدعة تحمل نفس التوجه ونفس المنطق ونفس الفهم.

«رفعت الأقلام وجفت الصحف».

@ahmedbanigais