سريالية لوحات كوارث غزة
الاثنين - 01 يناير 2024
Mon - 01 Jan 2024
والسريالية هي مدرسة ما يفوق الواقع، فبعد تسعين يوما من القصف الإسرائيلي المجحف على مواطني غزة الهاربين من تجمعات الخوف، إلى سعير وديان جهنم يرتجون فيها بادرة عقل ورحمة، وصلت أول ناقلة إغاثة لغزة!
لوحة بؤس قانية مؤلمة، كان الجياع فيها يتدافعون على جوانب الناقلة أملا في لقمة، أو زوادة يكملون بها رحلة متاهات التهجير، متحايلين على الخوف، بالجري ليل نهار وسط ظاهر الجثث وما بطن، وبين ملاجئ قهر ضاقت وتهدمت فيها المعاني، وتراكمت الحيرة والعوز، وجلجلت المخاوف بقلق ليلهم، ليعاودوا الفرار، تحت قصف غاشم مارق، يعصفهم بوابل من سجيل.
القادر من الغزيين، يحاول مناطحة حرز الناقلة، والتشبث بالأحقية، والالتزام ساعات بطابور، يزداد تمددا، عله يجلب اللقيمات لأفواه ترتجيه طال تجويعها.
التزاحم يخلخل المختل، وتقديم الغير بالأحقية مسغبة، وجوع وحش الغاب يستلزم المخلب والزئير والنهش، والتأدب تنفيه أذية حسرات الطابور.
غزة بعد إجحاف قصف إبادة جماعية لم تعد تعيش عصرنا، متخلفة لعدة عقود، بح فيها صوت الوعي، وساد الظلم، واختلط الواقع بالخيال، والذاكرة بدموية البشاعة، وكل يسأل نفسه: أفي منام هو؟
وهل سيفيق، ليجد بيته قائما، وجارا مبتسما، والخبز صابحا، والفول والحمص غارقين بالزيت، واختراعا يسمونه السيارة، والكهرباء تقارع سواد الليل؟
أبدا، فالفواجع تستمر لوحات رعب تشنق الواقع، دون نهايات أفلام سعيدة، وتكتل لقطات كمد تحرق الروح والكيان وعين المتابع بواقع في غاية البشاعة، يطوي كبارا وصغار، ينازعون لبلوغ النهايات المستحيلة، مفتشين عمن فقدوهم تحت الركام، ومن توقفوا مخطرين بجراحهم، فاقدي أذرع وأقدام، وغبش أعين تحكي حسراتها لمستقبل نقص وضياع وهوان على إنسانية العالم.
هل هنالك مصداقية لهيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمحكمة الدولية، وهل فعلا لضمير حقوق الإنسان العالمي وجود، وهل هذه المجازر، والمقابر الجماعية، تحدث واقعا في القرن الواحد والعشرين، أم أنها تعود لغوغائية إبادة هيروشيما؟
شعوب العالم ضاقت وشجبت وثارت وتحركت على قدر حزنها، وأغلقت الشوارع بالهتاف، وفجرت مواقع التواصل بالحروف و«الترندات» والصور والمقاطع المرعبة، وضمير حكام العالم المتقدم متردد جبان، يدفن الرأس وسط التراب، خشية مواجهة صهيونية ماسونية مستفحلة فاجرة، جل ألوانها رماد، وفرشتها جمر بشاعة فجوات الصمت.
لقد انكشف سواد القلب، واحتار من اختار أن يبرر، بقرن يتلمسه فوق هامته الحمراء، غير معتبر من جريمة نحر أخيه الأبيض.
الآلة الصهيونية الوحشية تعطي ذاتها فرصة لالتقاط الأنفاس، قبل استعادة جولات الإبادة الجماعية، بينما ما يزال سكان غزة مغشي عليهم، ينازعون نزيفا بالأدمغة، وسمل الأعين، وكسور أنوف وبتر أطراف، واتهام ضمني بأنهم ناكري فضل، لا يقدرون رحمة وإنسانية العالم المتحضر، والذي سمح لهم بدخول ناقلة إغاثة، قبل انطلاق نفير جولات الموت القادمة!
موسوي قُتل، فهل كان السبب، أو أنه الثمن؟
أو أنه مجرد تحفيز للطرف الجائر بإكمال إجرامه، وللطرف الجبان المشعل للفتيل، بالتعمية عن وصوله لأوطان بعيدة، يكنز فيها ملايينه، التي أحرق بها الناس، والحجارة.
لوحة غزة السريالية ستظل وصمة عار على جبين النظام العالمي، ونكبات الغزاوي لن تنتهي بمجرد دخول شاحنات مساعدات، تحاول تجميل فواجع سريالية اللوحة التعيسة، بما تسكبه من ألوان الزيف الكريهة المتداخلة.
shaheralnahari@
لوحة بؤس قانية مؤلمة، كان الجياع فيها يتدافعون على جوانب الناقلة أملا في لقمة، أو زوادة يكملون بها رحلة متاهات التهجير، متحايلين على الخوف، بالجري ليل نهار وسط ظاهر الجثث وما بطن، وبين ملاجئ قهر ضاقت وتهدمت فيها المعاني، وتراكمت الحيرة والعوز، وجلجلت المخاوف بقلق ليلهم، ليعاودوا الفرار، تحت قصف غاشم مارق، يعصفهم بوابل من سجيل.
القادر من الغزيين، يحاول مناطحة حرز الناقلة، والتشبث بالأحقية، والالتزام ساعات بطابور، يزداد تمددا، عله يجلب اللقيمات لأفواه ترتجيه طال تجويعها.
التزاحم يخلخل المختل، وتقديم الغير بالأحقية مسغبة، وجوع وحش الغاب يستلزم المخلب والزئير والنهش، والتأدب تنفيه أذية حسرات الطابور.
غزة بعد إجحاف قصف إبادة جماعية لم تعد تعيش عصرنا، متخلفة لعدة عقود، بح فيها صوت الوعي، وساد الظلم، واختلط الواقع بالخيال، والذاكرة بدموية البشاعة، وكل يسأل نفسه: أفي منام هو؟
وهل سيفيق، ليجد بيته قائما، وجارا مبتسما، والخبز صابحا، والفول والحمص غارقين بالزيت، واختراعا يسمونه السيارة، والكهرباء تقارع سواد الليل؟
أبدا، فالفواجع تستمر لوحات رعب تشنق الواقع، دون نهايات أفلام سعيدة، وتكتل لقطات كمد تحرق الروح والكيان وعين المتابع بواقع في غاية البشاعة، يطوي كبارا وصغار، ينازعون لبلوغ النهايات المستحيلة، مفتشين عمن فقدوهم تحت الركام، ومن توقفوا مخطرين بجراحهم، فاقدي أذرع وأقدام، وغبش أعين تحكي حسراتها لمستقبل نقص وضياع وهوان على إنسانية العالم.
هل هنالك مصداقية لهيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمحكمة الدولية، وهل فعلا لضمير حقوق الإنسان العالمي وجود، وهل هذه المجازر، والمقابر الجماعية، تحدث واقعا في القرن الواحد والعشرين، أم أنها تعود لغوغائية إبادة هيروشيما؟
شعوب العالم ضاقت وشجبت وثارت وتحركت على قدر حزنها، وأغلقت الشوارع بالهتاف، وفجرت مواقع التواصل بالحروف و«الترندات» والصور والمقاطع المرعبة، وضمير حكام العالم المتقدم متردد جبان، يدفن الرأس وسط التراب، خشية مواجهة صهيونية ماسونية مستفحلة فاجرة، جل ألوانها رماد، وفرشتها جمر بشاعة فجوات الصمت.
لقد انكشف سواد القلب، واحتار من اختار أن يبرر، بقرن يتلمسه فوق هامته الحمراء، غير معتبر من جريمة نحر أخيه الأبيض.
الآلة الصهيونية الوحشية تعطي ذاتها فرصة لالتقاط الأنفاس، قبل استعادة جولات الإبادة الجماعية، بينما ما يزال سكان غزة مغشي عليهم، ينازعون نزيفا بالأدمغة، وسمل الأعين، وكسور أنوف وبتر أطراف، واتهام ضمني بأنهم ناكري فضل، لا يقدرون رحمة وإنسانية العالم المتحضر، والذي سمح لهم بدخول ناقلة إغاثة، قبل انطلاق نفير جولات الموت القادمة!
موسوي قُتل، فهل كان السبب، أو أنه الثمن؟
أو أنه مجرد تحفيز للطرف الجائر بإكمال إجرامه، وللطرف الجبان المشعل للفتيل، بالتعمية عن وصوله لأوطان بعيدة، يكنز فيها ملايينه، التي أحرق بها الناس، والحجارة.
لوحة غزة السريالية ستظل وصمة عار على جبين النظام العالمي، ونكبات الغزاوي لن تنتهي بمجرد دخول شاحنات مساعدات، تحاول تجميل فواجع سريالية اللوحة التعيسة، بما تسكبه من ألوان الزيف الكريهة المتداخلة.
shaheralnahari@