نحو مدن مفعمة بالحياة والحيوية
الخميس - 28 ديسمبر 2023
Thu - 28 Dec 2023
المدن تعمل كمنظومة متكاملة، لذلك أي عنصر عمراني في داخل المدينة لابد أن يعزز الوظيفة التي صمم لأجلها مع الأخذ في عين الاعتبار الاهتمام بالقيم الجمالية ومراعاة السياقات الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية المحيطة. هناك العديد من العناصر العمرانية التي لا حصر لها داخل جسد كل مدينة والتي يمكن سردها ومناقشتها في سلسلة ممتدة من المؤلفات، ومن هذه العناصر الساحات الحضرية. بالنظر في النسيج العمراني للمدن التقليدية المفعمة بالحياة كانت الساحات الحضرية أحد أهم العناصر العمرانية والتي تعد نواة للتواصل الاجتماعي، ومسرحا للأعمال الفنية، ومكانا للأنشطة التجارية الدائمة والمؤقتة، ومركزا للاحتفالات الدينية والوطنية. كل هذه الممارسات الاجتماعية والأنشطة المتنوعة كانت تتموضع في الساحات الحضرية عفوية التشكيل داخل النسيج المتضام للمدن التقليدية والتي تمتد منها الممرات والأزقة الضيقة المظللة التي ترتبط بإحكام مع المناطق السكنية المحيطة بمركز المدينة.
الجدير بالذكر هنا هو التجربة الفريدة التي كان السكان يحظون بها منذ مغادرة منازلهم مرورا بالممرات والأزقة الضيقة المظللة ذات التشكيل غير المنتظم والتنوع الفاتن والعروض المتفاوتة والأنشطة المتنوعة والتي تتيح فرص للقاءات الاجتماعية العفوية، وتشعر السكان بالانتقال تدريجيا وبصورة سلسة من الفراغات الأكثر خصوصية إلى الفراغات العامة داخل النسيج المتضام للمدن التقليدية.
الاهتمام بهذه المفردات العمرانية أسهم في مساعدة السكان على الاستدلال المكاني وتكوين صورة ذهنية متنوعة، فاتنة، ومثالية للمدينة، التي أصبحت تعمل كمنظومة عمرانية متجانسة، متماسكة، ومفعمة بالحيوية يستطيع السكان التنقل بين عناصرها العمرانية بكل يسر وسهولة ودون أي مخاوف ناتجة عن اختلاط حركة المشاة مع المركبات.
لقد تنوعت الساحات الحضرية داخل المدن التقليدية تبعا لطبيعة استخدامها ودرجة الخصوصية المراد تحقيقها، فكانت تستخدم النهايات المغلقة الأكثر خصوصية من قبل سكان المنازل المحيطة لممارسة الأنشطة الرياضية من قبل الأطفال، وإقامة المناسبات الاجتماعية والاحتفالات خلال الأعياد. بينما تستخدم الساحات الحضرية العامة في وسط المدينة من قبل جميع السكان بحكم تواجد العديد من العناصر العمرانية الرئيسة حولها مثل الجامع الكبير والسوق المركزي وغيرها. عليه كانت الساحات الحضرية مفعمة بالحياة والحيوية وتتكيف مع احتياجات السكان المتنوعة من مختلف الفئات العمرية خلال اليوم الواحد.
ولكن أدى النمو المفاجئ لمعدل امتلاك المركبات من قبل السكان في القرن العشرين إلى إرباك الحركة داخل النسيج المتضام للمدن التقليدية وزادت معدلات الازدحام المروري وأصبحت المدن عاجزة عن مواجهة هذه التحديات. وبدأت عمليات التدخل العمراني والحضري التي أفقدت المدن هويتها وترابط عناصرها العمرانية وأصبحت المخططات الهيكلية للمدن موجهة لخدمة المركبات بدلا من السكان. فأصبحت الممرات والأزقة غير آمنة لحركة المشاة والتي تلاشت تدريجيا وحلت محلها الطرقات المعبدة ذات الأشكال المنتظمة والعروض الثابتة ومواقف السيارات بدلا من الساحات.
لذلك واجه سكان المدن الحديثة العديد من التحديات تمثلت في تغير الصورة الذهنية والبصرية للمدينة نتيجة لانعدام الترابط بين عناصرها وصعوبة الاستدلال المكاني نتيجة لقلة التنوع وعدم الاهتمام بتشكيل العناصر العمرانية التي تقع على حواف المباني، وأخيرا التلاشي التدريجي للنهايات المغلقة والساحات الحضرية التي تم استبدالها بالحدائق العامة التي تفتقر إلى الترابط الآمن مع المباني السكنية نتيجة لعدم الفصل بين حركة المشاة والمركبات فأصبح لابد من استخدام المركبات للوصل إليها مما أدى إلى عزوف السكان عن استخدامها أغلب أيام الأسبوع. إضافة إلى ذلك فشلت هذه الحدائق في استيعاب الأنشطة المتنوعة والمتغيرة للسكان التي احتوتها الساحات الحضرية في المدن التقليدية المفعمة بالحياة والحيوية والتي تتحلى بالمرونة للتكيف مع احتياجات السكان.
مع تزايد حدة هذه التحديات بدأ سكان المدن الحديثة في إجراء العديد من التدخلات الحضرية من أجل تحسن جودة البيئة المبنية بإيجاد ساحات حضرية تتلاءم مع احتياجاتهم ورغباتهم، فتم تحويل بعض الفراغات البينية بين المباني وحتى ممرات المشاة والطرقات إلى مناطق جلوس، ومطاعم مؤقتة ومناطق لممارسة الرياضة. علاوة على استخدام الممرات وأرصفة المشاة كمناطق للجلوس واللقاء، كل هذه الممارسات الحضرية تدل على عدم ملائمة العناصر العمرانية في المدن الحديثة لاحتياجات السكان.
الجدير بالذكر إلى أن هذه الممارسات الحضرية حظيت مؤخرا باهتمام العديد من أصحاب العلاقة من باحثين ومخططين وغيرهم، وتم الأخذ بها في عين الاعتبار في إعادة تشكيل النسيج الحضري للمدن الحديثة لمعالجة الافتقار الحاد للساحات الحضرية المتوافقة مع رغبات وتطلعات السكان مما جعل المناطق الجديدة مفعمة بالحياة والحيوية.. لكن يبقى السؤال الأهم متى تعود الحياة من جديد للمدن الحديثة؟
الجدير بالذكر هنا هو التجربة الفريدة التي كان السكان يحظون بها منذ مغادرة منازلهم مرورا بالممرات والأزقة الضيقة المظللة ذات التشكيل غير المنتظم والتنوع الفاتن والعروض المتفاوتة والأنشطة المتنوعة والتي تتيح فرص للقاءات الاجتماعية العفوية، وتشعر السكان بالانتقال تدريجيا وبصورة سلسة من الفراغات الأكثر خصوصية إلى الفراغات العامة داخل النسيج المتضام للمدن التقليدية.
الاهتمام بهذه المفردات العمرانية أسهم في مساعدة السكان على الاستدلال المكاني وتكوين صورة ذهنية متنوعة، فاتنة، ومثالية للمدينة، التي أصبحت تعمل كمنظومة عمرانية متجانسة، متماسكة، ومفعمة بالحيوية يستطيع السكان التنقل بين عناصرها العمرانية بكل يسر وسهولة ودون أي مخاوف ناتجة عن اختلاط حركة المشاة مع المركبات.
لقد تنوعت الساحات الحضرية داخل المدن التقليدية تبعا لطبيعة استخدامها ودرجة الخصوصية المراد تحقيقها، فكانت تستخدم النهايات المغلقة الأكثر خصوصية من قبل سكان المنازل المحيطة لممارسة الأنشطة الرياضية من قبل الأطفال، وإقامة المناسبات الاجتماعية والاحتفالات خلال الأعياد. بينما تستخدم الساحات الحضرية العامة في وسط المدينة من قبل جميع السكان بحكم تواجد العديد من العناصر العمرانية الرئيسة حولها مثل الجامع الكبير والسوق المركزي وغيرها. عليه كانت الساحات الحضرية مفعمة بالحياة والحيوية وتتكيف مع احتياجات السكان المتنوعة من مختلف الفئات العمرية خلال اليوم الواحد.
ولكن أدى النمو المفاجئ لمعدل امتلاك المركبات من قبل السكان في القرن العشرين إلى إرباك الحركة داخل النسيج المتضام للمدن التقليدية وزادت معدلات الازدحام المروري وأصبحت المدن عاجزة عن مواجهة هذه التحديات. وبدأت عمليات التدخل العمراني والحضري التي أفقدت المدن هويتها وترابط عناصرها العمرانية وأصبحت المخططات الهيكلية للمدن موجهة لخدمة المركبات بدلا من السكان. فأصبحت الممرات والأزقة غير آمنة لحركة المشاة والتي تلاشت تدريجيا وحلت محلها الطرقات المعبدة ذات الأشكال المنتظمة والعروض الثابتة ومواقف السيارات بدلا من الساحات.
لذلك واجه سكان المدن الحديثة العديد من التحديات تمثلت في تغير الصورة الذهنية والبصرية للمدينة نتيجة لانعدام الترابط بين عناصرها وصعوبة الاستدلال المكاني نتيجة لقلة التنوع وعدم الاهتمام بتشكيل العناصر العمرانية التي تقع على حواف المباني، وأخيرا التلاشي التدريجي للنهايات المغلقة والساحات الحضرية التي تم استبدالها بالحدائق العامة التي تفتقر إلى الترابط الآمن مع المباني السكنية نتيجة لعدم الفصل بين حركة المشاة والمركبات فأصبح لابد من استخدام المركبات للوصل إليها مما أدى إلى عزوف السكان عن استخدامها أغلب أيام الأسبوع. إضافة إلى ذلك فشلت هذه الحدائق في استيعاب الأنشطة المتنوعة والمتغيرة للسكان التي احتوتها الساحات الحضرية في المدن التقليدية المفعمة بالحياة والحيوية والتي تتحلى بالمرونة للتكيف مع احتياجات السكان.
مع تزايد حدة هذه التحديات بدأ سكان المدن الحديثة في إجراء العديد من التدخلات الحضرية من أجل تحسن جودة البيئة المبنية بإيجاد ساحات حضرية تتلاءم مع احتياجاتهم ورغباتهم، فتم تحويل بعض الفراغات البينية بين المباني وحتى ممرات المشاة والطرقات إلى مناطق جلوس، ومطاعم مؤقتة ومناطق لممارسة الرياضة. علاوة على استخدام الممرات وأرصفة المشاة كمناطق للجلوس واللقاء، كل هذه الممارسات الحضرية تدل على عدم ملائمة العناصر العمرانية في المدن الحديثة لاحتياجات السكان.
الجدير بالذكر إلى أن هذه الممارسات الحضرية حظيت مؤخرا باهتمام العديد من أصحاب العلاقة من باحثين ومخططين وغيرهم، وتم الأخذ بها في عين الاعتبار في إعادة تشكيل النسيج الحضري للمدن الحديثة لمعالجة الافتقار الحاد للساحات الحضرية المتوافقة مع رغبات وتطلعات السكان مما جعل المناطق الجديدة مفعمة بالحياة والحيوية.. لكن يبقى السؤال الأهم متى تعود الحياة من جديد للمدن الحديثة؟