اللغة العربية.. عوداعلى بدء
الاثنين - 25 ديسمبر 2023
Mon - 25 Dec 2023
سيبقى الجدل قائما ما مصير اللغة العربية مع طوفان اللغات القادمة، فلم تعد اللغة الإنجليزية تجذب الشباب فحسب، فالصينية هي الأخرى بدأت تنمو، والكورية تأخذ نصيبها، أما اليابانية فهي الأخرى جذابة، والإسبانية يتحدث بها أكثر من ثلث العالم، فيمكن القول يوجد مبرر لصراع اللغات، واللغة العربية تقاوم وضعها بما لها من إرث كبير جدا، أحد روافد هذا الإرث؛ أكثر من مليار مسلم يتطلع للحديث بالعربية بشكل ما، كما أن لغة الإعلام العربي تفرض نفسها هي الأخرى، لكن في جهة أخرى يمكن القول بأنها هي الأخرى تتآكل لصالح اللغات الأخرى، فتدهور اللغة العربية الفصحى يؤذي اللغة العربية بكل لهجاتها، ودخول المصطلحات الأجنبية داخل الحديث العربي هو الآخر يهددها، وثمة تهديد آخر، وهو التعليم بلغة أجنبية في العلوم ويزامن ذلك في نفس الوقت ضعف الإمكانيات في اللغة العربية مثل تعليم الحديث بالفصحى والإملاء والتعبير والخيال اللغوي.
لقد استشعرت الدول الأوروبية حجم الهجوم
اللغوي الإنجليزي على دولهم فتمسكوا في لغاتهم ولا تكاد تسمع لغة أجنبية في الدول غير الناطقة بالإنجليزية إلا في أماكن محدودة (أماكن البيع والتسويق من أجل كسب المال، والفنادق؛ لأن روادها معظمهم أجانب ومن أجل التسويق السياحي، والمطار؛ لأنه يجتمع فيه أكثر لغات العالم) أما العلم؛ فإن فرنسا وألمانيا واليابان وغيرهم لا تزال تعلم العلوم بلغاتها المحلية ونادرا ما تكون اللغة الأجنبية حاضرة بجوار اللغة المحلية فضلا عن أن تستبعدها ولا تبدو لي أن أعذار القائلين بضرورة اللغة الأجنبية للتعليم قائمة بعد هذه الحجة ولكن لا يزالون يجادلون في ذلك فلم نر أي من أولئك الذين استبدلوا لغتهم المحلية والقومية بلغة أجنبية تألقوا مطلقا!
إن الكتب العظيمة في اللغة المحلية (سواء عربية أو غيرها) تستعصي على عامة الناس في الفهم والإدراك، وتحتاج لتدقيق كبير جدا من أهلها وهذا جلي وواضح، فما بالك عندما تكون هذه اللغة ليست لغتك الأصلية سيبدو – مهما ادعى الإنسان – فهمه سطحيا ليس عميقا ولو فهم ما بين السطور وتدارك المعنى العميق فإنه منفصل عنه بحكم أنه لا يمثل ثقافة الكاتب بدليل أن بعض المصطلحات لا تزال تتمثل في لغة صاحبها الأم ولا يوجد اتفاق على ترجمة محددة لهذا المصطلح من اللغات الأخرى، وهذا يقودنا للترجمة ومالها من دور في حفظ اللغة العربية فكلما زادت وتيرة الترجمة استغنى الناس عن تعلم اللغات الأخرى بلا حاجة خاصة الكتب الحديثة وآخر ما توصل له العلم!
ولتبسيط بعض الأمور، سأورد قصة لطيفة للغاية، كانت الإدارة العامة للمرور، بل وكانت الإدارات العامة للمرور في دول الخليج العربي لا تفتأ تقوم بحملات توعية حول السرعة الجنونية في الشوارع والتوعية بضرورة الالتزام بأنظمة السير، ولم يزد هذا الأمر إلا مزيدا من الحوادث التي لا تتوقف والمخالفات التي لا تنتهي، ولم يوقف سيل الدماء جراء الحوادث إلا «كاميرات المراقبة والرادارات وساهر» والعقوبات، وكأنما لا واعظ إلا قرار حكيم ينهي المأساة بالعقوبة القاسية لمن خالف.
ولا أخال الأمر عن هذا ببعيد، فلا يزال الناس متعلقين باللغات الأجنبية ولن يتوقفوا عن ذلك إلا عن طريق القانون والتنظيم والتعليم وكل هذه الأمور الثلاث كفيلة بعودة اللغة العربية إلى وضعها الطبيعي!
أخيرا، يمكنني القول بأن اللغة العربية تستحق أكثر من عناية من خلال يوم في السنة أو حتى بضعة أيام نشيد بأهميتها بل يجب أن تحتل مكانتها التي تليق بها بالتعليم وتكون لغة العلم، ويجب أن تكون حاضرة في الشارع والمنزل والمدرسة، ويجب أن يعي الناس حجم العزة النفسية التي ترافق لغته العربية وحضورها في نفسه، كل هذا يجعل لها قدم السبق على كل اللغات في داخل العالم العربي والإسلامي، وهذا لا يمنع من تعلم لغة أجنبية لكن أن تكون لغتنا العربية هي الأولى!
Halemalbaarrak@
لقد استشعرت الدول الأوروبية حجم الهجوم
اللغوي الإنجليزي على دولهم فتمسكوا في لغاتهم ولا تكاد تسمع لغة أجنبية في الدول غير الناطقة بالإنجليزية إلا في أماكن محدودة (أماكن البيع والتسويق من أجل كسب المال، والفنادق؛ لأن روادها معظمهم أجانب ومن أجل التسويق السياحي، والمطار؛ لأنه يجتمع فيه أكثر لغات العالم) أما العلم؛ فإن فرنسا وألمانيا واليابان وغيرهم لا تزال تعلم العلوم بلغاتها المحلية ونادرا ما تكون اللغة الأجنبية حاضرة بجوار اللغة المحلية فضلا عن أن تستبعدها ولا تبدو لي أن أعذار القائلين بضرورة اللغة الأجنبية للتعليم قائمة بعد هذه الحجة ولكن لا يزالون يجادلون في ذلك فلم نر أي من أولئك الذين استبدلوا لغتهم المحلية والقومية بلغة أجنبية تألقوا مطلقا!
إن الكتب العظيمة في اللغة المحلية (سواء عربية أو غيرها) تستعصي على عامة الناس في الفهم والإدراك، وتحتاج لتدقيق كبير جدا من أهلها وهذا جلي وواضح، فما بالك عندما تكون هذه اللغة ليست لغتك الأصلية سيبدو – مهما ادعى الإنسان – فهمه سطحيا ليس عميقا ولو فهم ما بين السطور وتدارك المعنى العميق فإنه منفصل عنه بحكم أنه لا يمثل ثقافة الكاتب بدليل أن بعض المصطلحات لا تزال تتمثل في لغة صاحبها الأم ولا يوجد اتفاق على ترجمة محددة لهذا المصطلح من اللغات الأخرى، وهذا يقودنا للترجمة ومالها من دور في حفظ اللغة العربية فكلما زادت وتيرة الترجمة استغنى الناس عن تعلم اللغات الأخرى بلا حاجة خاصة الكتب الحديثة وآخر ما توصل له العلم!
ولتبسيط بعض الأمور، سأورد قصة لطيفة للغاية، كانت الإدارة العامة للمرور، بل وكانت الإدارات العامة للمرور في دول الخليج العربي لا تفتأ تقوم بحملات توعية حول السرعة الجنونية في الشوارع والتوعية بضرورة الالتزام بأنظمة السير، ولم يزد هذا الأمر إلا مزيدا من الحوادث التي لا تتوقف والمخالفات التي لا تنتهي، ولم يوقف سيل الدماء جراء الحوادث إلا «كاميرات المراقبة والرادارات وساهر» والعقوبات، وكأنما لا واعظ إلا قرار حكيم ينهي المأساة بالعقوبة القاسية لمن خالف.
ولا أخال الأمر عن هذا ببعيد، فلا يزال الناس متعلقين باللغات الأجنبية ولن يتوقفوا عن ذلك إلا عن طريق القانون والتنظيم والتعليم وكل هذه الأمور الثلاث كفيلة بعودة اللغة العربية إلى وضعها الطبيعي!
أخيرا، يمكنني القول بأن اللغة العربية تستحق أكثر من عناية من خلال يوم في السنة أو حتى بضعة أيام نشيد بأهميتها بل يجب أن تحتل مكانتها التي تليق بها بالتعليم وتكون لغة العلم، ويجب أن تكون حاضرة في الشارع والمنزل والمدرسة، ويجب أن يعي الناس حجم العزة النفسية التي ترافق لغته العربية وحضورها في نفسه، كل هذا يجعل لها قدم السبق على كل اللغات في داخل العالم العربي والإسلامي، وهذا لا يمنع من تعلم لغة أجنبية لكن أن تكون لغتنا العربية هي الأولى!
Halemalbaarrak@