حنان درويش عابد

مآلات استمرار تحييد الثروات الخاصة على الاقتصاد الوطني

السبت - 23 ديسمبر 2023

Sat - 23 Dec 2023

بينما تواصل المملكة جهودها في التنمية بتفعيل الكثير من الأدوات، لا تزال الثروات الخاصة غير فاعلة على مستوى الاقتصاد الوطني بالشكل المطلوب، ما يطرح تساؤلات رئيسة حول مستوى الوعي بين أصحاب تلك الثروات حيال قضية المتغيرات الاقتصادية العالمية، وأهمية دعم الاقتصاد المحلي بالدرجة الأولى، وغياب أو حضور المعرفة حول التقلبات البيئية والسياسية في العالم والتي لاشك أنها ستغير كثيرا من صورة الاستثمارات الخارجية حيث تلعب تقلبات الطقس أيضا دورا كبيرا جنبا إلى جنب مع أزمة مآلات الخلافات السياسية الدولية.

ووقوفا على كل المتغيرات التي يشهدها العالم، نجد أن الثروات الخاصة الوطنية في كل دولة اليوم تحتاج إلى أن يراجع أصحابها منهجهم الاستثماري، وأن يدركوا بأن الحقبة الحالية آخذة في الاتجاه أكثر وأكثر نحو حصول أزمات عالمية تستدعي استدعاء الكثير من الثروات الخاصة المستثمرة خارج الوطن لضخها في الاقتصاد الوطني المحلي لتقوية هذا الاقتصاد وإنشاء استثمارات قوية قادرة على ترجيح كفة ميزان الاقتصاد الوطني في مواجهة كفة الاقتصاد الأجنبي.

تحييد الثروات الخاصة أيضا قائم على المستوى الوطني من خلال عدم استغلال مئات المليارات في مشاريع وطنية والاكتفاء بحفظها والاحتفاظ بها راكدة من دون تشغيل، وهذا بدوره يضرب الاقتصاد الوطني ويساعد عل تعميق أزمات الاقتصادات المحلية في كل بلد.

لذلك فإن ثقافة إعادة أموال الاستثمارات إلى الوطن، وثقافة التركيز على تحسين مخرجات الاقتصاد الوطني هي الثقافة الأكثر إلحاحا في الفترة الحالية وفي المستقبل، وهي ثقافة رد الجميل للوطن، لأن الوطن هو سفينة تحتضن الجميع.

الأموال الخاصة هي أموال لا يجب تعطيلها، ولا يجب منعها من أن ترفع من مستوى رفاهية المجتمع ككل، من خلال افتتاح مشاريع إنتاجية متنوعة، وهي في هذا السياق تمثل ركيزة لا يمكن تجاهلها لتصحيح الأسواق المحلية، وتقليل حجم تأثير الارتدادات السوقية، وتنشيط حركة السوق، ووضع المزيد من الأموال في جيوب المستثمر نفسه وفي جيوب المواطنين أيضا.

ستواصل الأموال الخاصة لعب دور كبير وخطير على مستوى الاقتصاد الوطني في كل بلد وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، وستواصل ثقافة تحييد الأموال الخاصة لكي لا تلعب دورا في تطوير الاقتصاد المحلي، ستواصل تلك الثقافة الإضرار حتما بكل اقتصاد وطني في كل بلد، ولهذا فإن كل مخلص في الوطن يجب أن يطرح هذه القضية دائما على طاولة النقاش؛ لأن طرحها للنقاش هو من صميم أعمال الولاء للوطن وللأرض وللشعب.

hananabid10@