خالد العويجان

التخزينة الحوثية والسكرة الأمريكية

الأربعاء - 20 ديسمبر 2023

Wed - 20 Dec 2023


أخيرا استفاق الشرطي بعد سبات عميق.

كان غارقا في النوم بعد أن أرهقه السهر.

والكذب والازدواجية في المعايير، لها دور بتلك الغفوة الطويلة.

والعالم يشتعل.

ومؤشرات السباق على الحروب والمناكفات، كتلك الخاصة بأسواق المال.

وشهوة القتل لدى البعض في أوجها.

والمارقون انتشروا في أهم زوايا العالم، حيث النفط، والطاقة، والمال، والاقتصاد.

والاقتصاد معروف أنه أبو السياسة، والسياسة تركها سياسة.
في خاصرة أهم زوايا الأرض، جماعة مصابة بسعار مواجهة ناقلات الذهب الأسود.

والأمر ليس بالهين ليتم النظر له بأعين متواضعي الحكمة والقرار.

أهم ممرات العالم تحولت لمساحة مقامرات، لثلة من المراهقين سياسيا في اليمن، ممن استفادوا من تجارب أقسى شذاذ آفاق الأرض وأشدهم خبثا؛ حيث مطلع الشمس!.

وذلك ليس بخاف؛ إنما على علم من أعتى أجهزة استخبارات الأرض، في عواصم تدعي أنها كبرى.

في حقيقة الأمر؛ لا أعلم كيف ستستقبل واشنطن التحدي الذي أعلنه أنصار الله «جماعة الحوثي الإرهابية في اليمن»، بأعقاب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، عن تشكيل تحالف لإيقاف التمرد الذي تشكله الجماعة، في الممر الأهم ربما عالميا، في البحر الأحمر، الذي يعتبر شريانا عالميا، لتصدير النفط وغيره من بضائع الشرق للغرب.

والسؤال؛ هل ترى واشنطن أنها قامت بدورها عند تشكيل تحالف سمته بعملية «حارس الازدهار»؟ الجواب برأيها، نعم.

بنظري، لا.

كيف؟ لأن الولايات المتحدة، تعتقد أنه يمكنها الخروج من حالة الحرج العالمي، نظير الصمت الذي استمر لسنوات على ذاك التمرد إلى أن اتسعت رقعته، من محلي داخل اليمن، إلى دولي، بتشكيل هذا التحالف الذي ولد متأخرا.

والسؤال الآخر، هل هذا يكفي؟ طبعا لا.

لماذا؟ لأن صورة نمطية رسمت عن الإدارة الأمريكية، عنوانها صرف النظر عن تلك الجماعة، الأمر الذي يراه البعض محاباة أمريكية؛ قد تكون لمن يملك قرار تحريك أنصار الله عن بعد، لأسباب لها ارتباطات بملفات نووية وما شابه.

عند هذا الحد يجب أن أتوقف؛ في فمي ماء!
والفكرة ليست مجرد مقال يكتب والسلام، إنما، يشوبها كثير من الخطورة، على اعتبار أن جماعة الحوثي المارقة في اليمن، أعطت زبانيتها ومراهقيها المأجورين، الأمر باللجوء لاستخدام الزوارق المفخخة والمسيرة، لاستهداف السفن التي تسلك البحر الأحمر، وهو الممر الحيوي عالميا، ويربط الشرق بالغرب.

فبحسب أنباء تواترت، فإن جماعة أنصار الله، تفكر في استخدام الألغام البحرية، التي تم تصنيعها بمساعدة خبراء من إيران.

بالإضافة إلى إصدار توجيهات، بنقل كميات من الأسلحة إلى سواحل الحديدة بما في ذلك صواريخ وطائرات مسيرة، خشية أي هجوم مرتقب قد يتم شنه من دول التحالف الجديد.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إنما فهم الحوثي، الموصوف بالغباء والجهل البشري قبل السياسي، أن تشكيل ذلك التحالف، هدفه حماية إسرائيل.

والسؤال؛ كيف يكون لحماية إسرائيل، بينما تلك ممرات مائية تعبر من خلالها أهم احتياجات البشر في شتى بقاع الدنيا.

أتصور أن الجماعة على رغم من أنها تتمتع بجهل لا حدود له، على رغم من أن العواصم الغربية، وتحديدا واشنطن، منحتها الأرضية، التي انتهت لأمرين: الأول اتساع التمرد. الثاني: ارتفاع سقف الإرهاب الحوثي.

والدليل لغة تحدي العالم التي ترددها الجماعة.

أعي أن تلك الزمرة فاسدة ومتمردة. لكن ما يثير تساؤلاتي بكل صدق، هو الصمت الأمريكي على ممارساتها طوال السنوات الماضية.

وهذا ما ينبش بداخلي، فكرة الإيمان بنظيرة المؤامرة، التي يمكن لها أن تستند على هدف يتمحور حول ابتزاز دول المنطقة، باعتبار أن ما يحدث في اليمن ينعكس على استقرار هذا الجزء الهام من العالم.

إن الرؤية الغربية لدول المنطقة، لا سيما تلك المسلطة على المجتمعات، لهي رؤية قاصرة، وتتمتع بكثير من الغباء، والصفاقة السياسية، التي تتجاهل، إمكانية فهمنا جميعا، لحجم الاستفادة الأمريكية والغربية، من إطالة بقاء ذلك «البعبع» في ممرات مائية تغذي العالم بكل متطلباته، لعدة أسباب، أهمها أن هناك من هو مستفيد من رفع قيمة شحن البضائع في حال استشعار الخطر، هذا من جانب.

ومن آخر، فذلك أيضا يعود بكم كبير من الفوائد التي تجنيها تلك الدول، من عوائد شركات التأمين، وهي المضطرة لدفع مئات ملايين الدولارات على تلك الناقلات، المعروف أنها تعود لشركات كبرى، تعتبر من أضخم دافعي الضرائب، التي تقتات عليها تلك الدول الهشة، بعيدا عن التضخيم الذي ساقته على مدى عقود مضت.

إن الشرطي الذي استفاق من غيبوبته، لم يعد يعني لشعوب المنطقة بعيدا عن الحكومات، قيد أنملة.

لأنها استوعبت أنه اعتمد بدرجة كبيرة على الدعاية، التسويق لذاته بأنه حام الحمى، بينما ذلك لا يتجاوز كونه شعارا رنانا، تم ترديده لخلق هالة معينة، واتضح مع الوقت أنها كذبة وخديعة انطلت على العالم بأسره.

نحن أمام حالتين، الأولى يشكلها واحد أكذب من الثاني.

والثاني يتضح أنه أغبى من الأول.

هذا هو الواقع المقسوم على اثنين، مسألة ومهزلة.

وإلى أن يستمتع الحوثي بتخزينته؛ وتستفيق واشنطن من سكرتها.. فلنذهب إلى الجحيم.