ياسر عمر سندي

الشتاء وإنجاز الأشياء

الأربعاء - 20 ديسمبر 2023

Wed - 20 Dec 2023


من حر السموم إلى برد الزمهرير وما بينهما مجموعة من التقلبات الكونية والسنن الربانية التي تعطينا مؤشرات حياتية تخرجنا من العسر إلى اليسر ومن الضيق إلى الانفراج ومن الشدة إلى البهجة؛ والنفس البشرية تركيبة متأرجحة ومعقدة تجتمع في مراحل وتتأثر بعدة عوامل وأهمها المواسم المناخية والفصول السنوية ويختلف ذلك بطبيعة الحال من مجتمع لآخر.

هنالك دراسات نفسية ومجتمعية تفيد بأن الحالة المزاجية للإنسان ترتبط شرطيا بحالة الموسم والفصل السنوي الذي يعيشه؛ وبالتالي فإن مخرجات ذلك تنعكس على السلوكيات الإنسانية الخاصة للفرد والحالة التعاملاتية العامة للمجتمع؛ ومن الملاحظ على نتائج مؤشرات بعض المؤسسات الحكومية لنتائج المحاكم وأقسام الشرطة ومراكز الدراسات الإنسانية والموارد البشرية والنقابات العمالية في عالمنا العربي تشير إلى أن معدلات الطلاق والمشكلات الأسرية والعائلية والمجتمعية والعملية والنزاعات والمشاحنات والمشاجرات الشخصية ترتفع في موسم الصيف؛ وعلى العكس من ذلك فإن مؤشرات الاعتدال في أخذ القرارات ونتائجها الرشيدة والهدوء والثبات لحالات العلاقات الزوجية والأسرية والعائلية والملاحظات على الكثافة السكانية وترددها على المنتزهات البرية والبحرية والشعور بجمال الطبيعة والاستقرار العام وارتفاع معدلات الرضا غالبا ما تتوافق وتنسجم مع حلول موسم الشتاء.

الثبات الانفعالي الموسمي غالبا ما ترتبط إيجابيته بفصل الشتاء وتبرز أعراضه الخاصة مثل الركون إلى مشاعر الحب أكثر وتزداد فيه نزعة الركون للسكون؛ وملاحظة التغير في النواحي الفسيولجية وقابلية الشهية على الأكل؛ وفي حالات مصاحبة يشعر فيها الفرد باعتدال في حالته المزاجية العامة ورغبته في الخروج ومشاركة الآخرين وتقبل وجهات النظر وسعة الصدر للمناقشات وإيجاد الحلول لمعظم المشكلات والاستمتاع أكثر في جو العمل وانحسار حالات الفصل التعسفي والاستقالات.

نصيحتي للجميع وأنا أولكم أن نعمل مع بداية هذا الموسم الذي أراه فرصة نستجمع فيه حواسنا ونعالج من خلاله نفوسنا ونجدد به مشاعرنا بأن نستغل فيه متعة الروح المعنوية المرتفعة لإنجاز الأشياء المؤجلة على المستوى الذاتي والأسري والعائلي والعملي وما يخص الالتزامات وحل الخلافات والإكثار من العبادات التي لم نستطع أن ندركها في موسم الصيف الذي تدخل بطريقة غير مباشرة وأصابنا بالتعثر والتقهقر نفسيا وجسديا وتسبب بإحداث الانغلاق اللا شعوري العام.

كان السلف الصالح يفرحون بدخول موسم الشتاء؛ قال عمر رضي الله عنه: «الشتاء غنيمة العابدين»؛ وقال ابن مسعود: «مرحبا بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام»؛ وقال الحسن: «نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه».

فسبحان مغير الأحوال من حال الى حال؛ تتجدد الصورة المشرقة ضاحكة مستبشرة بالحالة المناخية المؤثرة.

همسة شتائية.. لا تؤجلوا فرص الشتاء وأنجزوا الأشياء.




Yos123Omar@