عبدالله السحيمي

رسائل تسكننا ونسكنها

الثلاثاء - 19 ديسمبر 2023

Tue - 19 Dec 2023


في الحياة رسائل تأتي بنكهة كلها تعب وإرهاق وضيق حتى تستسلم لقلة الحيلة والعجز في التصرف والتحرك نحو الطريق المنجي، وتظن أن جميع الأبواب مغلقة والطرق متعثرة والرغبة تتوقف إلى أن تشعر بالنهايات في داخلك تجاه ما يحفزك ويشجعك!
المشاعر لا تبني هدفا ولا تقيس تجربة؛ لكنها تعطيك مؤشرا في إحساسك تجاه الأشياء التي تواجهها، وهو الأمر الذي يحدث لكل منا حينما تتكالب عليه الضغوط وتحاصره الظروف ويصبح ما بين غارق في البحث عن مخرج أو الاستسلام لما يأتي ويكون!
«ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت.. وكنت أظنها لا تفرج».

كل تلك المسلّمات التي تدفعك إلى أن تعيش تحت مطرقة الضغط النفسي أو الحديث الذاتي الذي يدفعك إلى تصورات وتصرفات وربما أفكار تجلب فيها صورا بعيدة عن واقعية الحدث، وبعد النضج والاكتمال والتحليل غير الموفق إلى أن تندفع في تهيئة ذاتك تجاه بعض المواقف والأحداث وتربطها بأشخاص وتقنع نفسك بأنك تواجه بعض الغياب من التواصل والشكوى من الآخرين وتعيش دوامة أن تتفرغ لأن تتهم الآخرين وتضع بهم ما ليس فيهم!
وهذا مما يجلب لك من مقدمات الأمراض والأوجاع ما يجعلك ضحية نفسك ونتيجة طبيعية لأفكارك التي تقودك على غير اتجاه صحيح!
عليك أن تتوقف عن رفع سقف التوقعات في علاقتك وعليك ألا تتعلق بأحد إلى أن تلغي مواعيد وتغلق طرق الوصول ورسم الهدف بأشخاص مهما كانت قيمتهم ومكانتهم.

من الأهمية أن تدرك أن لكل منا حالته الخاصة من ألم ووجع وتعب ومفارقات واختلافات في الحياة، منها ما يضيق الخاطر ومنها من يعرقل الرحلة ومنها من يجعلك تتوقف وتبتعد.. لكن الأهم في ذلك أن تعرف أنك المسؤول الأول عن نفسك! فلا تكثر لوما على أحد ولا تزج الاتهامات أو تعيش في دوامة رمي الأسباب على الغير أو تجلد ذاتك وتقيم منتجعا دائما يصعب الفكاك والخروج منه!
اجعل وجهتك إلى الله.. وجه تعلقك إلى الله.. توكل واتكل إلى الله يكون الملجأ والمتكأ والشكوى لا تفقد الأمل حتى وإن طال خروجه، لا تقتل أحلامك وأمنياتك مهما طال الأفق! كل ذلك وما تمر به يجعل الله الخير وكما قال الرافعي:
يجعل الله الهموم مقدمات لنعم مخبوءة.

إن أفراحك تأتي دون مقدمات أو إشارات إنما البشر تسخير من الله.. وما أصدق من قوله تعالى (إذا قضى أمرا فَإنما يقول له كن فيكون).

إن أمورنا جميعا هي بيد الله وهي بقدرته ففوض أمرك إليه مهما تزاحمت المشكلات ومهما تعسرت الأمور حتى وأن عشت شعور السواد الموحش.

ويصل الأمر في أن تتمعن في قوله تعالى (لتركبن طبقا عن طبق). إنه التغير الذي لا تملكه والحال الذي لا تستطيعه وأن تتوج بتغير حالك إلى حال أفضل ومن مكان إلى مكان أجمل.

إن اليقين بالله هو أعظم طريق وأنقى توجه؛ لأنه هو العظيم القادر، إلى الله توجه مهما صعبت الأمور وتخلى عنك الجميع.

أنت أولى أن تعتني بنفسك وأن تمنحها كل محطاتها المتنوعة، ولا تحاول أن تنزع حقوقها في المرور على حالتها التي تحتاجها في وقتها؛ لأننا ككل نعيش الانكسار والخذلان والصدمات والأحلام المغادرة؛ وكل هذا يمنحنا إلى أن نكون بإرادة قائمة على يقين النور سنبصره والأحلام ستتحقق والأفراح ستكون حينما نريد ذلك.



Alsuhaymi37@