الساخر باسم يوسف، محامي فلسطين الأمثل
الاثنين - 18 ديسمبر 2023
Mon - 18 Dec 2023
من بين من واجهوا الإعلام الغربي من المفوهين العرب، بعدم منطقية مواقفه في رمي التهم بالكامل على حماس، وتبرئة ظلم وجرائم إسرائيل، يبرز الإعلامي باسم يوسف، المجالد السابق ضد سيوف إعلام الإخوان بمصر، بصوت يأتي من غربته روحا حاضرة بوهجها ومصداقيتها، في لقاءين مع بيرس مورغان الإعلامي البريطاني الأشهر، ببرنامجه المشهود عالميا غير المراقب «Piers Morgan Uncensored»، والذي عجز مورغان في حلقته الأولى عن استيعاب كم معلومات مضيئة انهال بها باسم، تفنيدا للحقائق الغائبة عن المثقف الغربي، فما بالك بالمواطن؟
المديح لن يفي الجراح باسم حقه، بعلو حجة ودفاع عقلاني، وبإنجليزية وتعبيرات وجه وجسد، ودقة تشخيص وعلاج، وسخرية سوداء سيخلدها التاريخ، لزوج غزاوية، عاشر الكارثة والتاريخ التعيس، وتعمق في المعاني، دون تجاوز أو تحيز، ما أدهش ملايين المتابعين.
لقاء قمة ما يمكن أن تصنعه لغة العرب الناعمة عن مظلمة فلسطين، وبما يفوق الخطب العصماء، والمناظرات والقصائد والأغنيات وتحركات الساسة في أروقة الدبلوماسية، وعلى مواقع التواصل.
مرافعة قانونية مكنت باسم من تبيان خفايا مظلمة ثمانية عقود من المجازر، وكشف الحقائق المغيبة عالميا بغلبة لغة إعلام الإسرائيليين ومحبيهم، وطغيان تفسيراتهم المعوجة، ومواقفهم المحرجة لكل من يدعي حقوق إنسان، ومن يتمثل بعدالة تسيرها عنصرية صهيونية مائلة حارقة تكسر الموازين.
باسم يستحق بعد اللقاءين شرف لقب محامي الشعب الفلسطيني ولسان قضيته، بما حطمه من مفاهيم الجهات العضيدة للصهيونية.
وكما فيروز أهدتها المرأة الفلسطينية مزهرية، أهدى باسم لمورغان قنينة زيت زيتون بكر، موضحا أن عمر شجرة الزيتون يفوق نصف قرن، كان الفلسطينيون يحافظون عليها، ويورثونها لأحفادهم برسوخ وطنية وخلود، بينما تنتزعها إسرائيل جحفا، وتجرف تربتها، لتزرع مكانها خرسانات المستعمرات!
مورغان حاول انتزاع إدانة من فم باسم لمنظمة حماس، فكان أن أدانها بسخرية، مؤكدا أن إدانة أي من الطرفين غير ذي فائدة لحل القضية المستعصية.
باسم انتقد عجز الإعلام الغربي في نقل الأحداث الملتهبة بسطحية وتحيز أعمى، وعدم الرجوع للمسببات الجذرية المؤدية للهجوم الحمساوي الأخير على إسرائيل!
وقد شرح باسم الفروق بين اليهودية والسامية والصهيونية، وقدم المصادر والحجج والأسانيد، والأمثلة التاريخية ليثبت أن الصهاينة هم أعداء السامية الحقيقيون.
وتساءل مورغان: «إذا كان كل هذا التعاطف العربي موجودا، فلماذا لا تأخذ الأردن أو مصر الفلسطينيين؟».
فيرد باسم بمفارقة: «هذا بالضبط ما يريده الإسرائيليون، ولو أنه قد يشعل حربا عالمية ثالثة، ولماذا لا تقوم إحدى الدول الغربية باستضافة اليهود على أراضيها؟!».
باسم مدافع يمتلك الصور، فاستفاض بالتنديد بعمليات محو الثقافات، وادعاء الإسرائيليين أن معظم معالم الثقافة الفلسطينية تخصهم، وسخر من مسمى «الحُمص الإسرائيلي»!.
وبحزن، شرح مجيئه لموطن الحلم الأمريكي بطموحات حرية التعبير، ولكنه صدم بأشخاص يفقدون وظائفهم إن لم يدينوا حماس!
وسخر من تقنيات وتطبيقات ذكية باتت متحيزة، فعندما تسأل «تشات جي بي تي»: هل للإسرائيليين حق في العيش بحرية؟ تجيب مباشرة: نعم.
أما عندما تسأل عن حق الفلسطينيين، يتحجج التطبيق بأنها مسألة معقدة لا يمكن البت فيها!
مرافعة للتاريخ من محامي فلسطين الأمثل، وبمثل ذلك تُكتَبُ وترسخ وتخلد سِيَر المبدعين المؤثرين بإنسانية مواقفهم.
shaheralnahari@