عائشة العتيبي

متى نتفق؟!

الاحد - 17 ديسمبر 2023

Sun - 17 Dec 2023


نعيش في ركن لزاوية صغيرة لا نميز حقيقة ما حولنا من تفاصيل ولا نستطيع أن نحكم على من أمامنا لانعدام وضوح الصورة واختفاء ملامح ما بها من ألوان وتفاصيل وشواهد وجماليات، نعيش على هامش بسيط لا يمكن ذكره ولا الاستشفاء منه وكأننا نريد الحياة ولا نسعى لتحقيق المزيد.

نعيش لأجل أن ينتهي هذا اليوم ويأتي ما يليه، اعتدنا على فتح صفحة جديدة كل يوم لعل أن هناك تغييرا أو تحسينا أو استشفاء حقيقيا يشعرنا بأننا لازلنا بخير، نعيش حتى ننضج ونكبر ونتعلم لكن دون جدوى وبدون فائدة فعلية تضيف إنجازا حقيقيا في حياتنا أو تعطي لنا دافعا قويا في جذب الطاقة الإيجابية لنا حتى ننجز ونستفيد من التعلم من تجاربنا وأخطائنا؛ فقط نظن بأننا ننضج من تعلمنا.

نعيش الحياة على طرف وحيد ونحاول أن نمسك به كي لا نقع وعلى أمل الوصول والتحقيق، فكيف نصل ونحن لا ندرك ماهي وجهتنا ومدى اتزانا وما هو الطرف الآخر الغائب عنا حتى نمسك به؛ هنا طرف مجهول اتفق مع طرف معلوم يبحثان عن قاض يحكم بينهما ليضع الأمور في المنتصف دون النظر إليهما.

الذكريات التي تضعنا في أماكن ضيقة لا ندرك ما إذا كنا على حق حين نتذكرها أم أننا نختنق من شدة الشوق ومرارة الذكرى؛ لأنها كانت حقيقة مؤلمة تصفنا بأننا عاجزون عن التذكر لأمور كانت جميلة في حياتنا، ربما السبب الحقيقي لتراجعنا عن الإبداع والإنجاز والتقدم حتى لو لخطوة واحدة في حياتنا هو العيش في تذكار ما مضى إلى الآن، متى نتفق على عيش الذكرى التي تساعدنا على صنع إنجاز وتشكيل طموح وأخذ قرار إيجابي فعلي وحقيقي نعيشه اليوم بهدف الوصول لأي وجهة نسعى إليها.

الشواهد التي تدور من حولنا قد تكون هي سبب لعائق وإحباط، عندما نجد حدثا أو واقعة أو خبرا ربما يكون سببا خارجيا خفيا يمنعنا من التفكير بشكل إيجابي نحو ما نريد الوصول إليه وبين ما نريد تحقيقه، عندما نفكر به بشكل يومي وربما روتيني ونركز عليه لوقت طويل ونسمعه ونشاهده في كل مرة، فهناك شواهد وأحداث تجبر الشخص العيش فيها كالحروب والمشكلات الإنسانية والاجتماعية وتجاهلها صعب وغير ممكن وهناك شواهد أخرى لا نراها بنا وبشكل مباشرة في حياتنا، ولكن قد نراها ونسمع بها من أشخاص أو محطات إعلامية وهي تؤثر بشكل ملحوظ علينا دون أن نشعر، ثم إن الأخبار والأحداث ومصائب غيرنا من حولنا تجاهلها صعب من الناحية الإنسانية والأخلاقية الإسلامية، لكن التركيز بشكل دائم والاهتمام بأي حدث يؤثر بشكل واضح وصريح علينا.

قد نتفق على أن السبب هو عوامل داخلية بنا أكثر من أنها خارجية، ولكن ننسى أن لنا مشاعر تتأثر وقلوبا تتحطم وجزئيات صغيرة تعبث بها المجريات الخارجة عن إرادتنا وأننا نصاب بالضعف لفترة قصيرة ثم نعود بقوة وحتى نعود نبذل كل جهد ممكن يوصلنا إلى بر الأمان ومنطقة دافئة تساعدنا على الاستشفاء، متى نتفق مع مشاعرنا وأحلامنا وأهدافنا على جعل قدرة السيطرة من أنفسنا؟، متى نتفق مع أنفسنا على جعل الاتزان مطلبا رئيسيا بنا؟، ومتى نتفق على جعل نقاط الضعف هي مكسب حقيقي لقوتنا؟، متى نتفق بشكل واضح وصريح مع أنفسنا؟!





3ny_dh@