صالح العنزي

بياناتك الشخصية مسؤوليتك

الأربعاء - 13 ديسمبر 2023

Wed - 13 Dec 2023

عندما تدخل مكتب خدمات أو قرطاسية وتجد موظفا على مكتب وحوله من يطلب خدمات مثل الطباعة والتغليف والتصميم فلا بأس؛ لكن اللافت للنظر عندما تجد شابا أو فتاة في مقتبل العمر ومعه مؤهل لا يقل عن الثانوية العامة؛ يأتي لكي يقدم على وظيفة أو يسجل في اختبار قدرات أو ينجز معاملة فيها وصول لمعلومات حساسة على المستوى الشخصي والمالي؛ فهذا يحتاج وقفة!

كيف يسمح لهم بتقديم مثل هذه الخدمات؟ وكيف نقبل من شاب متعلم لا ينقصه شيء أن يعرض معلوماته وبياناته للخطأ والاختراق، قد نقبل من شيخ أمي كبير بالسن مثل ذلك إن لم يكن له من يقوم به أو هناك لم تتوفر جهة اجتماعية موثوقة تقدم له مثل هذه الخدمات؛ أما من متعلم لديه القدرة على استخدم التقنية فهذا مرفوض تعليميا ونظاميا.

نحن في زمن أصبحت الخدمات الالكترونية توجها وليس اختيارا، ولن يستطيع أحد كبيرا كان أم صغيرا أن يستغني عنها مهما كانت متطلباته واحتياجاته، والدولة مشكورة بأجهزتها وفرت آليات سلسة وواضحة لكي يستطيع طالب الخدمة أن يستفيد منها بكل يسر وسهولة دون أن يتحمل عناء المراجعات وحمل الملفات والذهاب مسافات طويلة لتقدميها يدويا.

وأعتقد أن من مسببات مثل هذه الظواهر:
  • الاستعجال في طلب الانتهاء من الخدمة أو اعتقاد صعوبتها، مما يجعل طالب الخدمة يذهب مباشرة لمن يخدمه حضورا أو عن بعد.
  • الإفراط في الثقة واستبعاد حصول تسرب أو اختراقات لبيانات مالية أو شخصية لطالب الخدمة واعتقاده أن التحذير هو مبالغة كبيرة.
  • انتشار مثل هذه الخدمات بالرغم من خطورتها بسبب ربحيتها العالية لأصحاب القرطاسيات والمكتبات وغيرها.
  • ضعف دور المكاتب الاجتماعية الرسمية وشبه الرسمية التي تقدم الخدمة لكبار السن وغير القادرين على خدمة أنفسهم.
  • ضعف تفعيل دور المدارس والجامعات في ربط المعرفة بالتطبيق ضمن برامج الأنشطة اللاصفية وتدريب الطلاب على الاعتماد على أنفسهم وتحمل مسؤولياتهم منذ الصغر.
ولكي يتم الحد من مثل هذه الظاهرة والوقاية من آثارها لا بد من مراعاة الآتي:
  • تعزيز دور المدرسة والجامعات بربط التطبيقات النظرية بممارسات عملية والتركيز على أضرار تسريب المعلومات الشخصية ومسؤوليته المباشرة عن ذلك.
  • مساعدة مراكز الخدمة الاجتماعية والجمعيات في تقديم مثل هذه الخدمات لكبار السن وغير القادرين ليكونوا في مأمن من استغلالهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
  • لابد من وضع قوانين للمكاتب الخدمية والقرطاسيات والمكتبات بشأن الخدمات المقدمة منهم، ومنعهم من الخدمات التي تتطلب الدخول على حسابات الأشخاص الشخصية والمالية بأي حال من الأحوال، واعتبار ذلك من الجرائم الخاضعة لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
ختاما، يبقى الدور الأكبر على الأسرة وأفرادها في الوعي التام بأهمية المحافظة على بياناتهم الشخصية، وأن كل فرد منهم مسؤول عن سرية بياناته، وعليه الاعتماد على نفسه في إنجاز أعماله والاستعانة بمن يثق به عند الحاجة الملحة فقط، مع الحرص على تغيير كلمات المرور للحسابات الشخصية والبنكية وعدم أفشاء الأرقام السرية لأي أحد مهما كانت صفته لكي تتحقق الفائدة من الخدمات الالكترونية، ويتجنب الفرد والمجتمع أضرارها التي أحيانا تكون وخيمة.

salehsalmanalen@