الموت يمر من أنفاق غزة

تداعيات كارثية تنتظر الأجيال المقبلة في حال إقدام إسرائيل على خطة الإغراق
تداعيات كارثية تنتظر الأجيال المقبلة في حال إقدام إسرائيل على خطة الإغراق

الاثنين - 11 ديسمبر 2023

Mon - 11 Dec 2023


لم يكن الأديب السعودي عبده خال عندما أصدر راويته الشهيرة «الموت يمر من هنا»، يعرف أن «الموت» سيتوقف طويلا في شوارع وحارات قطاع غزة المحاصر، وسيكون في حالة ترقب مستمر داخل أنفاقها التي تنتظر غزوا بربريا من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وفي حين يزهو الاحتلال بالكشف عن شبكة أنفاق في منطقة ميدان فلسطين، تؤكد المقاومة أن هناك أكثر من 1200 شبكة أخرى ستكون بمثابة مقبرة لجنود الاحتلال، وستكون التحول الرئيس في الحرب المجنونة.

بالتواكب يؤكد خبراء ومحللون أن خطة إغراق أنفاق غزة بالمياه المالحة التي تلوح بها إسرائيل، سيكون لها أثار كوراثية على القطاع والمنطقة لمدة عقود طويلة، وستؤثر بشكل كبير على الأجيال المقبلة.

مزيج سام
أكد تقرير في مجلة «ذا هيل» الأمريكية الدكتورة تارا د. صنشاين، أن الحرب في غزة هي أبعد من أن تنتهي، ففي الوقت الذي تواصل القوات الإسرائيلية قصف المباني والمدن، وتدعي أنها تلاحق مقاتلي حماس من منزل إلى منزل، وتقصف المدنيين من الجو، فإنها تدرس كيف يمكنها توجيه ضربة حاسمة للأنفاق في أنحاء قطاع غزة.
وتفترض تقارير جديدة أن الجيش الإسرائيلي قد يضخ المياه المالحة إلى داخل الأنفاق كي يظهر منها ما تبقى من المقاتلين، فضلا عن تفخيخ مخارجها، ومن الممكن أن تشكل المياه آخر متنفس للفلسطينيين اليائسين. إنها شريان الحياة لغزة في وقت يخشى كثيرون أن يؤدي ضخ المياه المالحة إلى الأنفاق تحت الأرض، فقط إلى زيادة المزيج السام من الإمدادات القذرة والمالحة من المياه المتضائلة.

أكثر وحشية
ويقول تقرير للأمم المتحدة «إن 96% من المياه الموجودة في طبقة المياه الجوفية الوحيدة في غزة غير صالحة للاستهلاك البشري»، موضحا أن «المحطات الثلاث لتحلية مياه البحر التي يمكنها إنتاج نحو 7% من احتياجات غزة من المياه النظيفة، قد تعطلت».
وتوفر ثلاثة خطوط أنابيب من إسرائيل نحو 13% من احتياجات غزة من المياه، وهناك نظام مكون من 300 بئر وطبقة جوفية أسفل غزة، تجري معالجتها بواسطة وحدات تحلية المياه.
وحين تضع الحروب أوزارها في نهاية المطاف، وتصمت المدافع، ولكن هناك آثارا تبقى موجودة لسنوات على الأرض، وفي الهواء وفي المياه من الروائح الكريهة إلى النقص في المواد والإمدادات والغبار والدمار وفقدان الأرواح ودمار البنى التحتية.
والحرب أكثر وحشية بالنسبة للطبيعة ليس فقط فوق الأرض، وإنما تحتها أيضا.

تأثيرات مميتة
ووفقا للتقرير، بدأت إسرائيل الإعداد لإغراق الأنفاق، وهي تعلم أن التأثيرات البيئية يمكن أن تستمر لسنوات، واستنادا إلى تقارير نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي جهّز الشهر الماضي ما يصل إلى خمس مضخات كبيرة، ويعتقد العالِم إيلون أدار، أنه «في حال تم ضخ مليون متر مكعب من المياه في الأنفاق وتسربت إلى طبقة المياه الجوفية، فإن التأثير السلبي على نوعية المياه الجوفية سيستمر لأجيال، ويعتمد ذلك على الكمية التي ستتسرب إلى تحت السطح».
ويعرب آخرون عن قلقهم من تأثيرات طويلة الأمد على الصحة والتربة والتلوث ومجمل البيئة في المنطقة، بسبب المعادن الموجودة تحت الأرض.

قلق الغرب
وفي حين تؤكد المؤشرات أن إغراق الأنفاق يعني موت الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، خصوصا الأبرياء الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، فإن الإعلام الأمريكي والغربي قلق من كيفية خروج 130 رهينة مازالت باقية في غزة.

أنفاق غزة:
  • 1200+ نفق
  • 500 كيلو متر طولها
  • 70 مترا عمقها
  • 140 مليون دولار سنويا تكلفتها
  • 12 ألف فلسطيني يعملون بها
  • 100 ألف دولار تكلفة النفق الواحد
انتظار المجهول
فيما يشعر الاحتلال الإسرائيلي بالرعب من المجهول الذي ينتظرهم في أنفاق غزة، يؤكد المحلل السياسي الفلسطيني، أشرف عكة، أنه لا يمكن لأحد أن يعلم طبيعة تلك الأنفاق، ولكن من المؤكد أن البنية التحتية مجهزة ومسلحة جيدا. ويقول في تصريحات لـ»سكاي نيوز» المعروف عن هذه الشبكة حتى الأن، أنها تمتد إلى 5 كيلومترات، وبعمق من 30 إلى 70 مترا، وهي غير متصلة، بل مجموعة من الأنفاق، وتنقسم إلى جانبين، الأول أنفاق هجومية، والآخر أنفاق منظمة عميقة وغامضة حتى هذه اللحظة.

أعين العدو
وسبق أن جاء في تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن الأنفاق في غزة عبارة «عن ممرات تحت مناطق سكنية كثيفة»، تسمح للمقاتلين بالتحرك بحرية، بعيدا عن «أعين العدو». ويعتقد الباحثون أنها تشمل مخابئ لتخزين الأسلحة والغذاء والماء، وحتى مراكز قيادة وشبكات واسعة بما يكفي لعبور المركبات، حسب الصحيفة. وعلى مدار سنوات طويلة، حفر الفلسطينيون من سكان غزة أنفاقهم بشكل سري تحت الأرض، بهدف كسر الحصار المفروض على القطاع وإدخال الوقود والغذاء والأسلحة والسلع الأخرى إلى قطاع غزة.

الأكثر قراءة