القراءة مجددا
الاثنين - 11 ديسمبر 2023
Mon - 11 Dec 2023
كتبت كثيرا عن القراءة وأهميتها وها أنا أعود؛ لأن الحديث عن القراءة متجدد بتجدد المواقف والأحداث، ومتسيد مهما تطورت العلوم وتشعبت، فأدوات التعلم والتعليم على تنوعها وتقدمها، إلا أنها لم تستطع تنحية القراءة التقليدية عن صدارتها، ولازالت هي الأجدى والأبقى، ولازال الكتاب هو الوعاء المعرفي الأقدم والأدوم، فالكتاب بيدك يعني أنك تقرأ، وتقليبك لصفحاته، حتى تلاحق كلماته سطرا سطرا، يعني أنك تنهل من معين العلم ما ينفعك في آخرتك، ويرفعك في دنياك، بشرط أن تحسن اختيار الكتاب، فليس كل الطعام مفيد، ولا كل الدواء آمن.
في الكتاب الماتع (ظلال الأشياء) يقول الأديب عبدالله الهدلق «ليس لدي كتاب لا يقرأ، كل كتاب هو مشروع قراءة، ولست أدري السبب الذي حملني على هذا التباين الحاد في موضوعات القراءة منذ عرفت الكتاب، أهو الملل الذي جبلت عليه، أم الشغف المعرفي المجنح، أم هي هاضمة ثقافية لا يضيرها اختلاف هذه الأنواع من طعوم العلم، هل هو كل هذا أم لا شيء منه؟ لست أدري! ولو رأى أحدهم كيس الكتب الذي أحمله في معرض الكتاب لتوهمني مجنونا يختار الكتب على غير قانون طبيعي! فمن كتب عن الطبيخ إلى مسائل الإمام أحمد وبينهما غرائب، لكني سعيد!».
القراءة جهد ذهني مبهج يمرن عضلاتك العقلية ويصقلها، والتزام اختياري يحررك من قيود الجهل وأغلال الحماقة، يقول الأديب اليوناني (نيكوس كازانتزاكيس) «جاءت العطلة، فاعتزلت داخل البيت مع كمية كبيرة من الكتب المستعارة عن الحيوانات والنبتات والنجوم، وظللت منكبا عليها ليلا ونهارا، مثل إنسان يقتله الظمأ ثم ينكب على ينبوع لكي يشرب.
لم أكن أخرج من البيت، وبشكل مقصود كنت قد حلقت نصف شعر رأسي، وحين جاء أصدقائي يدعونني لنزهة معهم، أخرجت رأسي من النافذة وأشرت إلى نصف الرأس المحلوق، ثم عدت إلى كتبي وأنا أصغي بفرح لضحكاتهم الساخرة وهم يبتعدون».
ويقول الأديب الثعالبي في كتابه (اللطائف والظرائف) «وكثيرا ما أذكرني آكل الوجبة وأنا أنظر في كتاب جديد وقع إلي، ولا أصبر عنه إلى وقت فراغي من الأكل. وسمعت أبا سهل بن المذال يقول «كثيرا ما أفعل مثل ذلك».
قديما قالت العرب: لا يركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة. وأقول: لا يقرأ أحد كتابا إلا وجد في نفسه نشوى وتعطشا ولذة. أو هكذا أظن وهكذا أشعر، فالقراءة صنعة العظماء، ووقود العقلاء، تنير البصائر، وتوقظ الضمائر، تجبر المكسور وتكشف المستور، وكلما ازداد القارئ نهما أفاضت عليه من خباياها، أحكاما وحكمة، أسرارا وقيمة، معارف تفتح على معارف، وأحداث يعاد اكتشافها، وأفكار جديدة يتم شرحها ونشرها، بالقراءة أنت اليوم لست كما كنت بالأمس، وغدا أنت أكثر فهما ووعيا، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.
في الكتاب الماتع (ظلال الأشياء) يقول الأديب عبدالله الهدلق «ليس لدي كتاب لا يقرأ، كل كتاب هو مشروع قراءة، ولست أدري السبب الذي حملني على هذا التباين الحاد في موضوعات القراءة منذ عرفت الكتاب، أهو الملل الذي جبلت عليه، أم الشغف المعرفي المجنح، أم هي هاضمة ثقافية لا يضيرها اختلاف هذه الأنواع من طعوم العلم، هل هو كل هذا أم لا شيء منه؟ لست أدري! ولو رأى أحدهم كيس الكتب الذي أحمله في معرض الكتاب لتوهمني مجنونا يختار الكتب على غير قانون طبيعي! فمن كتب عن الطبيخ إلى مسائل الإمام أحمد وبينهما غرائب، لكني سعيد!».
القراءة جهد ذهني مبهج يمرن عضلاتك العقلية ويصقلها، والتزام اختياري يحررك من قيود الجهل وأغلال الحماقة، يقول الأديب اليوناني (نيكوس كازانتزاكيس) «جاءت العطلة، فاعتزلت داخل البيت مع كمية كبيرة من الكتب المستعارة عن الحيوانات والنبتات والنجوم، وظللت منكبا عليها ليلا ونهارا، مثل إنسان يقتله الظمأ ثم ينكب على ينبوع لكي يشرب.
لم أكن أخرج من البيت، وبشكل مقصود كنت قد حلقت نصف شعر رأسي، وحين جاء أصدقائي يدعونني لنزهة معهم، أخرجت رأسي من النافذة وأشرت إلى نصف الرأس المحلوق، ثم عدت إلى كتبي وأنا أصغي بفرح لضحكاتهم الساخرة وهم يبتعدون».
ويقول الأديب الثعالبي في كتابه (اللطائف والظرائف) «وكثيرا ما أذكرني آكل الوجبة وأنا أنظر في كتاب جديد وقع إلي، ولا أصبر عنه إلى وقت فراغي من الأكل. وسمعت أبا سهل بن المذال يقول «كثيرا ما أفعل مثل ذلك».
قديما قالت العرب: لا يركب أحد فرسا إلا وجد في نفسه نخوة. وأقول: لا يقرأ أحد كتابا إلا وجد في نفسه نشوى وتعطشا ولذة. أو هكذا أظن وهكذا أشعر، فالقراءة صنعة العظماء، ووقود العقلاء، تنير البصائر، وتوقظ الضمائر، تجبر المكسور وتكشف المستور، وكلما ازداد القارئ نهما أفاضت عليه من خباياها، أحكاما وحكمة، أسرارا وقيمة، معارف تفتح على معارف، وأحداث يعاد اكتشافها، وأفكار جديدة يتم شرحها ونشرها، بالقراءة أنت اليوم لست كما كنت بالأمس، وغدا أنت أكثر فهما ووعيا، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.