نبيل عبدالحفيظ الحكمي

ما هي الأولوية «الأدوية المبتكرة» أم «الأدوية الجنيسة»؟

الأربعاء - 06 ديسمبر 2023

Wed - 06 Dec 2023

تتجلى خصوصية سوق الأدوية في انقسامه الرئيسي بشكل عام إلى فئتين: «الأدوية المبتكرة» و«الأدوية الجنيسة» والتمييز بين مفهوم «الصناعة» و«التصنيع».

سوف نتحدث في مقالة اليوم عن الفئتين بمزيد من التفصيل والتركيز على أهمية الابتكار في مجال الصناعات الدوائية.

الأدوية «المبتكرة» والتي تمثل الأدوية الحديثة التي تحميها حقوق الملكية الفكرية، وعادة ما تستمر حمايتها لمدة تصل إلى حوالي 20 عاما منذ اكتشاف الدواء.

خلال هذه الفترة، تكون الشركة المالكة لبراءة الاختراع هي الشركة الوحيدة التي يمكنها من تصنيع الدواء وإنتاجه.

ومن جهة أخرى، تعتبر الأدوية «الجنيسة» نسخا بديلة عن «الأدوية المبتكرة» الأصلية، وتنتج بعد انتهاء فترة حماية براءة الاختراع.

وهذا يثير تساؤلا أساسيا: أيهما أولوية، «الأدوية المبتكرة» و«الأدوية الجنيسة»؟ وماذا عن مفهوم «الصناعة» و«التصنيع»؟
عزيزي القارئ عملية اكتشاف وتطوير دواء مبتكر جديد تأتي بتكلفة ضخمة تفوق غالبا المليار دولار أمريكي، وتستغرق وقتا طويلا يتجاوز عادة عشر سنوات من البحث والتطوير. هذه العملية تحمل أيضا مخاطر كبيرة للفشل. مع هذه التحديات، يصبح الاختيار بين «الأدوية المبتكرة» و«الأدوية الجنيسة» أمرا هاما لشركات الأدوية.

وجود فترة محددة لحماية براءات الاختراع يمثل مكافأة لشركات الأدوية للاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير والابتكار للأدوية، سواء نجحت الأدوية أم فشلت.

بدون حماية براءات الاختراع، قد تتوقف عمليات الابتكار والتطوير، ويمكن أن يؤدي غياب هذه العمليات إلى احتكار حصري لشركات الأدوية لعلاج كثير من الأمراض.

وهذا يسلط الضوء على التوازن الحساس بين تشجيع الابتكار وضمان الوصول الميسر إلى الأدوية.

للأسف، لا توجد حتى الآن أدوية عربية «مبتكرة». ومع ذلك، هناك رؤية ومساع كبيرة سعودية في تحقيق تقدم كبير في هذا المجال في المستقبل القريب بفضل الدعم الكبير من قيادتنا الرشيدة.

حاليا، تشارك المملكة والعالم العربي بشكل أكبر في التصنيع الدوائي مع بداية التركيز على الاكتشاف والتطوير. وهذا التمييز ينتج عن عدة عوامل، وربما الأهم منها هو عدم اكتمال تطور النظام البيئي «للابتكار الدوائي» في الصناعات الدوائية في المنطقة.

فيما يتعلق بالمفهومين «الصناعة» و«التصنيع»، فهما مرتبطان بتحويل الموارد الطبيعية والمواد الخام إلى منتجات نهائية. حيث تشمل «الصناعة» عملية شاملة تضمن البحث والابتكار والتصميم والتطوير والإنتاج، والتصنيع، والتوزيع والتسويق. بينما «التصنيع» هو جزء محدد داخل هذه العملية الأوسع، حيث يركز على تحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية من خلال عمليات تقنية محددة.

يشمل مفهوم «الصناعة» على جميع العمليات من التصميم إلى التسويق، وتمتلك رؤية شاملة للسوق واحتياجات العملاء. وهي تتضمن عملية الابتكار والتطوير، وتساعد في إنتاج منتجات فريدة ومتقدمة تلبي احتياجات السوق. تتيح «الصناعة» للشركات التخطيط على المدى الطويل واتخاذ قرارات استراتيجية مستندة إلى التحليل والتوقعات.

تساعد «الصناعة» في تحديد المخاطر المحتملة وإدارتها بشكل فعال.
في النهاية، عندما ننظر إلى الخيار بين الأدوية «المبتكرة» و«الجنيسة» أو بين «الصناعة المبتكرة» و«التصنيع للأدوية الجنيسة»، يصبح من الواضح أن الأدوية «المبتكرة» تحمل أهمية كبيرة لعدة أسباب.

وتشمل ذلك اكتشاف علاجات جديدة للأمراض المستعصية ودعم الابتكار والتطوير، بالإضافة إلى عائد استثمار كبير جدا مقارنة بالهوامش الضئيلة المرتبطة بتصنيع الأدوية «الجنيسة» بالمقارنة مع الأدوية المبتكرة. لذلك، من الضروري التأكيد على أهمية الاستثمار في الصناعة «المبتكرة» وعدم الاكتفاء فقط بالتركيز الحصري على «التصنيع».

مع أن توطين «التصنيع» يهدف إلى تحسين
الكفاءة وتقليل التكاليف باستخدام التقنيات والمعدات المتقدمة، ويوفر فرص العمل ويساعد في تلبية الطلب بفعالية في الساحة العالمية المترابطة في الوقت الحاضر على أنه لا يمكن لأي دولة منفردة أن تصنع جميع المنتجات بشكل مستقل، وهناك ترابطات معقدة عبر مختلف الصناعات، بما في ذلك الصناعات الدوائية.

في نهاية المطاف عزيزي القارئ، «الصناعة» و«التصنيع» هما جانبان مترابطان من نفس العملة. تقوم «الصناعة» بتوجيه العمليات من التصميم إلى التسويق وتتيح رؤية شاملة للسوق واحتياجات العملاء، في حين يركز «التصنيع» على تحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية. وبالتالي، فإنهما يكملان بعضهما البعض.

لذلك عزيزي القارئ يجب أن نعتبر «الصناعة» و«التصنيع» و«الأدوية المبتكرة» و«الأدوية الجنيسة» أمورا لا غنى عنها جميعا وهم أولوية بدون استثناء ويجب التركيز عليهم جميعا لتنمية هذا القطاع ولكي تصبح المملكة العربية السعودية مركزا عالميا للصناعات الدوائية والتقنية الحيوية.


nabilalhakamy@