ابن عقيل الظاهري.. تجربة فكرية متوَّجة

الأربعاء - 06 ديسمبر 2023

Wed - 06 Dec 2023

لمعت التجربة الثقافية والفكرية لأبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري من خلال إنتاجه الرصين لما يربو عن 200 مؤلف، تناولت علم الحديث، والأدب والفلسفة، والعلوم والثقافة، وهو ما توّجه بجائزة "شخصية العام الثقافية" ضمن مبادرة "الجوائز الثقافية الوطنية" لعام 2023، والتي تنظمها وزارة الثقافة للاحتفاء بإنجازات وإسهامات وإنتاجات المثقفين على امتداد الوطن.

فاستطاع أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري أن يتناول فكر ديكارت الفلسفي ويُدقِّقَهُ ويُمحِّصَهُ ويوجزَهُ في وريقات قليلة من خلال كتابه "ديكارت بين الشك واليقين" على الرغم من صعوبةِ بيان الفكر الديكارتي الفلسفي، حيث تناول تدرُّج ديكارت من الشك إلى اليقين، من خلال استعراضه بشكل سريع لنظرية "الشك الديكارتي" أو "الفلسفة الشكوكية"، ليعرِّج على "الشك" عند السفسطائيين، وعند المتكلمين المعروفين بأصحاب علم الكلام، ليقف بعدها على "الشك" عند الغزالي، ليضع الشك الديكارتي في موضعه الجديد.

وبيَّن الظاهري كيف جعل ديكارت الشك وسيلةً للوصول إلى اليقين، ليسجل عدة مآخذ على ذلك التصنّع قائلاً: "يؤخذ على ديكارت إسرافه في الشك؛ لأنه عطَّل الحواس لخداعها، والواقع أن خداعها يقتضي الاحتراس منها، ولا يقتضي تعطيلها، كما أن المنطق ضمان من الخطأ في الاستدلال، ثم إن افتراضَ وجود شيطانٍ يُضلُّه ويعبث بعقله وقوعٌ في السفسطة، ولهذا ذهب يوسف كرم إلى أن شك ديكارت حقيقي لا مخرج منه - أراد أو لم يرد - وليس مؤقتاً، والواقع أن ديكارت يريد معرفةً يقينية؛ لذلك أراد أن يُجنِّب الحواس أن تكون مصدراً للمعرفة أو منبعاً لليقين، لا لشيء إلا لأنها تخطئ، وخطأ الحواس ثبت بما توصل إليه العقل البشري من أجهزةٍ علمية توفر له معرفةً أنصع من تلك التي تقدمها الحواس، إذن فمعرفة الحواس ظنية وغير واضحة، وهو - أي ديكارت -لا يريد سوى أن يكون كل شيء واضحاً متميزاً".

وضم كتاب "المدخل عن نظرية المعرفة" العديد من الموضوعات التي تتناول أحدفروع الفلسفة التي تهتم بمجالات وطبيعة المعرفة العلمية، عبر عدة أبواب منها: "إفادات جميلة عن المعرفة والإرادة والحرية"، و"واقع المعرفة وشروطها"، و"دفاع ليبنز عن دين أمته إمعان في الكفر به"، و"التشبيه الأرعن في فلسفة موسى بن ميمون اليهودي".

وأورد الظاهري في كتاب (معارك صحفية ومشاعر إخوانية وفوائد علمية) جمعاًمن المساجلات الصحفية حملت عناوين متنوعة منها: "حرية تدمير لا حرية تعبير"، و"يريد القارئ مراجعة يا فوزية"، و"ظهرية بالخب ضيعت دربي"،و"بين عالم مؤرخ، وعام يتورخ"، وقدم وصفاً للشاعر إبراهيم بن عبدالرحمن المفدى تحت عنوان "أما الشجاعة فلا" وقال: "أديب مخلص لفنه، شاعر في الفصيح وفي العامية، أمضى عمره ولا يزال في مهنة التدريس أشرف المهن،يشكِّل شعرُه - من الأدبين - ديواناً ضخماً، لكن التحفظات الرقابية ستحرمنا من كثير من شعره؛ لأنه ينماع في الغزل انمياعاً، ولا يتوسل إلى مشاعر فوز بمثل سياسة العباس بن الأحنف، ويصرّح ولا يكنّي، وإذا صرح لم يكن منتهى تصريحه".