الأمر الملكي رقم (أ/406)
الأربعاء - 29 نوفمبر 2023
Wed - 29 Nov 2023
لطالما حظيت الحدود الوطنية بأهمية بالغة في السياسات الدفاعية الأمنية للدول غير أن التحولات الدولية الجديدة التي أفرزتها ظاهرة العولمة أدت إلى بروز تهديدات أمنية عابرة للحدود الوطنية أفقدت الحدود وظيفتها الأمنية.
ولقد برزت في السنوات الأخيرة عدة ظواهر تشجع سياسات تعزيز النظام الحدودي في ظل التحديات الأمنية المتزايدة، والمملكة ليست بمنأى عن هذه التحديات التي تتراوح بين التحديات الصلبة كالدخول غير المشروع للعمل وتسلل عناصر إرهابية وعناصر جرائم منظمة مثل الاتجار بالبشر أو المخدرات وغيرها من مهددات الأمن الوطني.
إن ظاهرة تسلل حدود المملكة ليست جديدة ولكنها تزايدت في الآونة الأخيرة نظرا للظروف والمشاكل الأمنية التي تعاني منها المنطقة وخصوصا أن المملكة مصدر طمع مع تطور نهضتها الاقتصادية فموقعها الجغرافي مهم جدا وحدودها واسعة سواء كانت الحدود البرية أم البحرية مما يجعل هناك صعوبة في ضبط منع الدخول غير المشروع داخل عمق البلد.
والمشكلة أن هناك من المواطنين أو المقيمين (غير شرفاء) من يتاجرون في نقل الداخلين بالطرق غير المشروعة ونقلهم وإيوائهم لهذا الغرض والتحرك بهم داخل المحافظات والمدن دون مراعاة للمخاطر الأمنية التي تهدد الوطن من هؤلاء المتسللين على المستوى الأمني والاقتصادي والثقافي والاجتماعي، ونقل المتسللين يعد نشاطا إجراميا يقوم به صاحبه بعد أن تكون الجريمة ارتكبت – أي تم عبور الحدود – دون أن يكون هناك اتفاق بين الفاعلين قبل ارتكاب الجريمة.
وفي ظل المخاوف من تزايد مخاطر جريمة نقل المتسللين وإيوائهم وتنامي معدلات ارتكابها لعدم وجود تشريع قانوني يصفها بالتجريم، واستجابة لهذه الضرورة أصدر – جلالة الملك – مرسوما ملكيا رقم (أ/406) وتاريخ 27 /07 /1442هـ يجرم مثل هذه الممارسات وينص على أنها من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة.
إن الوطن له مضامين كبيرة وهامة بالمفهوم الشرعي والقانوني، وتعنى العلاقة بين المواطن والدولة وأن هناك أمانة يجب على المواطن المحافظة عليها وهي مقدرات الوطن ومصالحه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، ونقل مثل هؤلاء المتسللين يعد خيانة للأمانة وإخلال بشرف الإنسان.
أخيرا، نص المرسوم على عقوبات رادعة وقاسية لما مثل هذه الجريمة من خطورة على الأمن الوطني فيعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (خمس) سنوات ولا تزيد على (خمس عشرة) سنة ويعاقب بغرامة مالية لا تتجاوز (مليون) ريال ومصادرة الوسيلة التي نقل المتسلل بها، ومصادرة المسكن الذي أعد بشكل خاص لإيواء المتسلل أو استخدم لهذا الغرض – وحتى على فرض – أن من نقل المتسللين كان حسن النية فإن ذلك لا يعفيه من العقوبة بغرامة لا تتجاوز مبلغ (خمسمائة) ألف ريال؛ ولذا الحل الوحيد والواجب الوطني هو الإبلاغ عن المتسللين الجهات الأمنية لتتمكن من القبض عليهم حماية للبلاد من المخاطر.
expert_55@